هكذا ينقل الكاتب الجريء ويتأول، واحفظوا عليه قبل كل شيء إصراره على أن الذي كان في السنة العاشرة للدعوة خطبة لا زواج، وإن لم ينف الزواج صراحة، ولكنه يوقعه في نفس القارئ ويقنعه به إقناعًا من لحن القول "يوم جرى حديث زواجها وخطبها النبي، عليه السلام".
والقصة التي يشير إليها ويحاول أن يصبغها بصبغة رأيه، هي قصة مطولة في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بسودة بنت زمعة وبعائشة رضي الله عنهما. رواها أحمد بن حنبل في مسنده (ج ٦ ص ٢١٠ - ٢١١) ونقلها عنه الحافظ ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية ج ٣ ص ١٣١ - ١٣٣) وأشار إلى رواية مثلها عند البيهقي مؤيدة لإسنادها. وهذا الحديث فيه قصة وعد أبي بكر بابنته لمطعم بن عدي على ابنه جبير، وخطبة النبي إياها وزواجه بها، ثم زفافها إليه بعد قدومهم المدينة، وهذا موضع الشاهد منه: "قالت أم رومان - زوج أبى بكر - لخولة بنت حكيم - التي كان لها فضل السعي في هذا الزواج -: إن مطعم ابن عدي قد ذكرها على ابنه، ووالله ما وعد أبو بكر وعدًا قط فأخلفه. فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أم الصبي، فقالت: يا بن أبي قحافة لعلك مصْبي صاحبنا، تدخله في دينك الذي أنت عليه إن تزوج إليك؟ فقال أبو بكر للمطعم بن عدي: أَقَوْل هذه تقول؟ قال: إنها تقول ذلك. فخرج من عنده وقد أذهب الله ما في نفسه من عدته التي وعده، فرجع فقال لخولة: ادعي لي رسول الله.