الإسلام، فلم يجد أبو بكر من اختلاف الدين أو تخوف أم الصبي مخرجًا من عدته، فسأل الرجل، وهو ولي ابنه الصبي في التزوج، ليرى أيقر زوجه على قولها، فلما وافقها الرجل، وجد أبو بكر المخرج من وعده "فخرج من عنده وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعد". وإنما أوقع الكاتب الجريء في هذا الخطأ وأوهمه، معرفته أن زواج المسلمة بغير المسلم زواج باطل لا ينعقد، وأن المسلم إذا ارتد عن الإسلام فسخ عقد زواجه بزوجه المسلمة، وأن غير المسلمة إذا أسلمت وكانت ذات زوج عرض على زوجها الإسلام، فإن أبى أن يسلم فرق بينهما، وهذه أحكام يعرفها العامة والخاصة، فبنى عليها أنه "بعيد جدًّا أن تنعقد الخطبة مع افتراق الدين" وأنه "يستبعد جدًّا أن يعد بها فتى على دين الجاهلية، قبل أن تتفق الأسرتان على الإسلام" وأنها "خطبت قبل الدعوة الإسلامية، وأن أبا بكر لن يزوج بنته بعد الدعوة الإسلامية لرجل يكفر بدينه". ولكنه لم يعلم أول هذا التحريم لزواج غير المسلم بالمسلمة، ولم يدرك مبدأ أمره، أكان في أول الإسلام، حتى يطبق في هذه الواقعة في وقتها، أم هو تشريع تأخر عنها، فلا يطبق عليها، ولا يستدل به فيها.
ألا فليعلم الكاتب الجريء أن زواج المسلمة بالمشرك كان جائزًا وواقعًا في أول الإسلام، على عادة القبائل والأسر من التزاوج والمصاهرة، وأنه لم يحرمه الله تعالى إلَّا بعد صلح الحديبية، في أواخر السنة السادسة من الهجرة، لما نزل قوله تعالى في سورة