للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآثام، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". فليعد نظرًا إلى ما قدمت يداه في هذه المسألة بعينها، يجد أنه أنكر الصحيح الثابت الذي لا خلاف فيه عند المحدثين وغيرهم؛ أن رسول الله تزوج عائشة قبل الهجرة وهي في السادسة أو السابعة من عمرها، ودخل بها في المدينة بعد ثلاث سنين من الزواج، وأنه لكي يصل إلى تأييد إنكاره، وتأييد دعواه أنها كانت بين الثانية عشرة والخامسة عشرة يوم زفت إلى النبي، اضطر إلى تحريف ألفاظ الأحاديث وإلى تحريف معناها، وإلى سوق الكلام من الخطبة إلى الزفاف، خشية أن يذكر عقد الزواج قبل الهجرة فيكون حجة على نفي ما أراد إثباته وإثبات ما أراد نفيه، حتى لقد كاد يزل به قلمه إذ يقول: "وجرت الخطبة بعد ذلك في مجراها الذي انتهى بالزواج بعد سنوات" (كتاب الصديقة ص ٦٣).

فإنه يوهم القارئ، وإن لم يصرح الكاتب، أن الذي كان في مكة قبل الهجرة لم يكن فيه زواج، وأنه انتهى بالزواج بعد سنوات، يعني في المدينة، ولكنه لم يستطع أن يكون جريئًا كما يريد، فخشي أن يدعي أن هناك زواجًا كان بالمدينة؛ لئلا يكشف للناس عن فساد قوله ووهْي أدلته، وإن هو أنكر علينا هذا فليقل لنا كلمة صريحة، متى تزوج رسول الله عائشة؟ أعني العقد لا الخطبة، أكان ذلك قبل الهجرة حين خطبها على أبيها، أو كان بعد الهجرة حين بنى بها؟ ويجد أنه حرَّف عن عمدٍ كلمة "النكاح" التي هي الزواج إلى كلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>