ولقد زعم كثير من إخواننا، ووصل إليَّ ذلك: أني ضقت بنقد الأستاذ السيد صقر في المرتين. وما أظن الذي زعم ذلك أو توهمه يعرف شيئًا من خلقي. فما ضاق صدري بشيء من نقد قط، لَانَ أو قسا، والعلم أمانة.
بل إني لأرى أن الضيق بالنقد والتسامي عليه ليس أخلاق العلماء، وليس من أخلاق المؤمنين. إنما هو الغرور العلمي، والكبرياء الكاذبة، وحسبنا في ذلك قول الله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}. وما قال أمير المؤمنين الفاروق عمر ابن الخطاب، إذ ردّت عليه امرأة، وهو على المنبر يخطب خير مجتمع ظهر على وجه الأرض، قال كلمة صريحة بينة:"امرأة أصابت ورجل أخطأ". لم تأخذه العزة بالإثم، وتسامى على الكبرياء والغرور العلمي. وعمر هو عمر.
ثم ما هذه الفاشية المنكرة التي فشت بين المنتسبين للعلم؟ سأتحدث عن نفسي مضطرًا حتى لا أمَسَّ غيري:
أنا أرى أن من حقي أن أنقد من أشاء، وأن أقسو في النقد ما أشاء، فمن ذا الذي يزعم لي، أو يزعم لنفسه، أن ينقد الناس وأن يقسو عليهم في النقد، ثم يرى من حقه عليهم أن لا ينقدوه، وأن لا يتحدثوا عنه - إن أذن لهم في الحديث - إلا برفق ولين وملق ونفاق، مما يسمونه في هذا العصر العجيب "مجاملة"! !
لقد رجوت الأستاذ السيد صقر أن ينقد الجزء الأول من "الشعر