ما لم يَقُلْ، وينسبون إليه ما لم يفعل، بعامل العصبية الجامحة، والحقد الذي ملأَ قلوبهم، مما يطول شرحُه أو تفصيله، ولعلك أعلمُ به منّى، بل أنا أثقُ بذلك.
ولكنّى - فيما قرأتُ، وما أكثرَ ما قرأتُ - لم أجد واحدًا من الناسِ، متقدّميهم ومتأخرّيهم، رَمَى شيخ الإسلام بالكذب فيما يَحْكِى أو يَنْقُل، أو بالوَهم والتخيُّل فيما يَرَى ويَسْمع ويقول. وأعتقد أنك لم تَقَعْ على شيء من ذلك أبدًا، فلقد أخذت مني الدهشة مأخذها - إذَنْ - حين قرأت في مجلة (الهدي النبوي)، في عدد شهريْ رجب وشعبان من المجلد ١٩ سنة ١٣٧٤، في ص ٣١، أثناء فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية، (في الردّ والإنكار على طوائف من الضُّلال) تعليقك على كلام الإمام شيخ الإسلام، حين يقول:
(وأما كونُه لم يتبيَّن له كيفيةُ الجِنّ ومقاماتُهم، فهذا ليس فيه إلا إخبارُه بعدم علمه، لم ينكرْ وجودَهم. إذْ وجودُهم ثابتٌ بطرق كثيرة غير دلالة الكتاب والسنة، فإن من الناس مَنْ رآهم، ومنهم مَنْ رآى من رآهم، وثبت ذلك عندهم بالخبر اليقين، وفي الناس من كلَّمهم وكلَّموه، ومن الناس من يأمرهم وينهاهم ويتصرَّف فيهم، وهذا يكون للصالحين ولغير الصالحين، ولو ذكرتُ ما جَرَى لي ولأصحابي معهم لطال الخطابُ. وكذلك ما جرى لغيرنا).
أدهشني أكبرَ الدهشة، وأنكرتُ أشدَّ الإنكار - تعليقكم في هامش الفتوى، عند قوله (ويتصرّف فيهم)، بما نصه: "ليس ثَمَّ دليل