فكنتُ أنصرُك في أكثر مواقفك، وأدفعُ عنك قادحِيك. وكنتُ - إذا أخذتُ عليك مأخذًا - نصحتُك به مواجهةً صريحةً، غيرَ ملتوية ولا متخاذلة، وكنت في أول أمرك تقبل نصحي، أو تقنعني بخطئي، ثم كانت عاقبةُ أمرك - معي على الأقل - أن لا تقبل نصحًا، وأن تركبَ رأسك، وتَسير في طريقك، فنسكتُ ولا نعوَّقك ولا نُلقي في طريقك غبارًا ولا شوكًا، بل لطالما أسأتَ إليّ، وأنا أعفو وأصفح، وأقابل إساءتك بالوفاء، والحرص على المودة القديمة التي كانتْ قائمة.
ولماذا ألقي في طريقك الغبارَ والأشواك؟ وأنا أراك منذ أكثر من عشر سنوات واقفًا على هُوَّةٍ غطاؤها لا يكاد يَتَمَاسَكُ، مما تُحَمَّله من أعباء، وتصنع به من أحداث. وأنا أدِينُك بخطّك، لا بكلامي ولا بكلام غيري، وقد أحْكَمْتُ لك الحِكْمَةَ وزمامُها بيدي، وكان الظنُّ بك أن لا تضرب هذه اليدَ، إن [لم] يكن وفاءً للصداقة القديمة، فخوفًا أن يُفْلِتَ الزمامُ، ولكنَّك لا تُبْقِي ولا تَذَر.
هدانا الله جميعًا إلى سبل السلام، ووفّقنا للحق فيما نقول ونعمل، وجنَّبنا مواقف الزلل، ومهاويَ الأهواء، ونَزَوَاتِ الشيطان، وجعلنا من الهادين المهديّين، والسلام.