يجب أن تكون مدارسنا معاهد لتثقيف الشباب بالثقافة الحديثة، وليس معنى ذلك أن نهجر الثقافة القديمة؛ فإنها يجب أن يختص لها علماء يدرسونها ويوضحون لنا منها تطور الفكر الإنساني، وكيف ارتقى من الجهل إلى العلم، وكيف كانت علومه في الأصل أساطير وحكومته استبداد وطغيان (كذا) ومدنه مباءة أقذار، ثم ارتقى ذلك كله إلى ما نرى من العلوم الدقيقة، والحكومات الدستورية والمدن النظيفة. ومن الغباوة الفظيعة بل المجرمة، أن تغرس في ذهن الشاب المصري أن العلوم القديمة كانت أنفع للناس من العلم الدقيق الراهن، أو أن حكومات القدماء كانت أنظم وأعدل من حكومتنا، فلندرس كل قديم، ولكن باعتبار أنه قديم لقيمته التاريخية فقط، ولكن لا لنقتدي به أو لنؤمن بصحته".
هذه مقالة يقولونها عن الأزهر، والمعاهد التي تعلم قاصديها علوم الشريعة الإسلامية، وآداب الإسلام، وفنون اللغة العربية، وبلاغة العرب - لا عن معاهد أوربا منذ قرنين، ولا عن محاكم التفتيش في الأندلس.
أفرأيتم أيها الناس أن هذه الصحف ترمي الثقافة الإسلامية العالية؛ بأن علومها إن هي إلا أساطير، وتنبز حكومات الإسلام العادلة؛ بأنها حكومات استبداد وطغيان، أو رأيتم أنها تريدنا على أن ندرس علومنا وآدابنا وتاريخنا الناصع وأحكام ديننا، لا لنقتدي بها ولا لنؤمن بصحتها ولكن لقيمتها التاريخية فقط؟ !