للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن لم يكفكم هذا برهانًا على ما يقصد إليه ويرمي، فانظروا إلى قوله في الفقرتين ٧ و ٨: (تلك الأشواك والعقبات وهذا التعدد، تريك الواقع من أن هذه اللغة العربية ليست لغة واحدة لقوم بعينهم، بل إنها مجموع كل لهجات الأعراب البادين في جزيرة العرب من أكثر من ألف وأربعمائة سنة، جمعها علماء اللغة وأودعوها المعاجم وجعلوها حجة على كل من يريد الانتساب للغة العربية، ولا يعلم إلا الله كم لهجة كانت، أفليس من الظلم البين إلزام المصريين وغير المصريين من متكلمي اللهجات العربية الحديثة بمعالجة التعرف بتلك اللهجات القديمة التي ماج بعضها في بعض فانعجنت، ولو فرض المستحيل وأمكن عزل أية واحدة منها لكانت دراستها بسبب قدمها أشق من تعلم عدة لغات أجنبية حية، كل منها يعين الإنسان في عمره القصير على مسايرة العالم في هذه الحياة الدنيا، في كل سنة نسمع صيحة مدوية يصخ البعض بها معلمي اللغة العربية بالمدارس، متهمًا إياهم بالقصور أو التقصير في تلقين التلاميذ، والحق الذي لا مرية فيه أن هؤلاء المعلمين المساكين براء من هذه التهمة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فإن العيب إنما هو عيب اللغة التي ليس لها في مفرداتها وقواعدها أول يعرف ولا آخر يوصف، والتي لها في أدائها جرس ولوكة يضربان صماخ أذن الطفل لبعد ما بينهما وبين لهجة أمه، فينفر منها ومن المعلم نفور الطير روعته والظبي باغته).

إذن فالأمر واضح، ليس الأمر أمر تيسير الكتابة العربية حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>