للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تابعهم ليست كلها أُنزل بها القرآن، وإنما أنزل بواحدة منها غير معينة، لا يعرفها المسلمون ولا يعرفها المستشرقون، وحاش لله أن يكون شيء من هذا، و {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦].

هذه حقائق لا يشك فيها مسلم وما ينبغي له. فوازن - أيها القارئ الكريم - بينها وبين قول الباشا في كتابه (ص ٨٤ - ٨٥) في شأن رسم المصحف والقراءة: "لقد كان القراء قليلين والكتاب أقل من القليل، والرقاع أندر من الندرة، فأيما قبيلة ظفرت بصحيفة مكتوب فيها سورة أو بضع آيات من سورة حرصت عليها وتعبدت بتلاوتها على الوجه الذي استطاعت أن تقرأها عليه، وإذ كان رسم الكتابة إذ ذاك أشد اختزالًا مما هو الآن، لتجرده من النقط والألفات الممدودة، وكان الكتّاب بدائيين لا يستطيعون ضبط الكتابة حتى برسمها القاصر السخيف؛ إذ كان هذا فإن باب الخطأ والتصحيف كان مفتوحًا على مصراعيه؛ ويكفي أن يكون للألفاظ بعد تصحيفها، معان تتلاءم قليلًا أو كثيرًا حتى يمضي القارئ في قراءته ويتعصب لها. أرأيت إذن يا سيدي مبلغ الضرر الذي نشأ في أول الإسلام عن سوء الرسم ووجازته وقابليته للتصحيف؟ ... على أن عثمان إذا كان له عند الله وعند المسلمين يد بجمعه القرآن، فإن عمله لم ينحسم به الشر من أساسه، كل ما كان أنه كفى المسلمين شر جهل الكاتبين الذين لم يحسنوا كتابة ما لديهم من الصحف على قاعدة الرسم العربي السخيف، ثم شر من كانت لديهم صحف كتبوها في أوقات متباعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>