للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهة، ونتيجة لما رسمت أوربة ومبشروها ومستعمروها من محاولة هدم الإسلام في بلاده، بتربية الأمة تربية تستبطن الإلحاد مع مظهر التدين، أو تعلن الإلحاد ما وجدت الفرصة لذلك.

وأكبر ظني أن المؤلف لم يقرأ قصة بني إسرائيل في القرآن قط، أو هو على الأقل لم يتأملها تأمل المؤمن المستيقن بصدق هذا القرآن، وبأنه وحي من الله لرسوله لفظًا ومعنى، وبأنه أصدق مصدر تاريخي؛ لأنه ليس من علم البشر، بل هو من قول خالق الكون، الذي يعلم ما تقدم وما تأخر، وبأنه الكتاب المهيمن على ما سبقه من كتب الأنبياء، وبأنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله أن يعقد مقارنة بينه وبين الكتب السابقة، فضلًا عن أن يعقد مقارنة بينه وبين نقوش على أحجار، أو كتابة في أوراق كتبها وثنيون مجهولون، مداحون متملقون، يمدحون ملوكهم بالحق تارة، وبالباطل تارات. إلى أن هذه النقوش والكتابات لم يتبين إلى الآن معناها على سبيل القطع واليقين، بل هو الظن والاجتهاد، بما بلغت إليه أسباب دارسيها.

أنا لا أدافع عن التوراة الموجودة الآن بين يدي اليهود، ولا عن نسختها الأخرى التي بين يدي النصارى باسم "العهد القديم"؛ فإني أعرف أنها لم تصل إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء بطريق يقيني أنها هي "التوراة" التي أنزل الله على نبيه موسى - عليه السلام - بل أكاد أجزم أنها تاريخ كتب بعد موسى بدهر طويل، فيها شيء من التوراة الصحيحة، وفيها تزايد كثير، لم يعرفه موسى ولا هارون. وقد أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما لم يثبت من أخبارهم وأحكامهم في القرآن، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>