للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كشف المؤلف عن ذات نفسه فقال بعقب ذلك:

"أما موضوع غرق فرعون فهو أمر قد فهم خطأ على حسب ما جاء في الكتب السماوية (١)، والواقع أنه لا يمكن الإنسان أن يتصور غرق الفرعون وعربته ومن معه في ماء ضحضاح لا يزيد عمقه على قدمين أو ثلاثة. بل المعقول أن خيل الفرعون وعرباته قد صاخت في الأوحال وسقط بعض ركابها مغشيًّا عليه، وهذا يفسر ما جاء في سفر الخروج ١٤ - ٢٥: "وخلع دواليب المراكب فساقوها بمشقة" ومما سبق نعلم أن خرافة غرق الفرعون في البحر الأحمر وموته لا أساس لها من الصحة، وقد جاء كل ذلك الخلط من ترجمة (يام سوف) "بالبحر الأحمر أو ببحر القلزم" هذا فضلًا عن أن ما جاء في القرآن


= وهو هبوب الريح (في الاتجاه الصحيح في الوقت المناسب) فيكاد ينكره أيضًا، ويجعله شيئًا طبيعيًّا معتادًا ويكاد يجعل الإعجاز أن دعاء موسى صادف الوقت المناسب فقط، فسواء أدعا أم لم يدع فإن هذا هو الشيء المتوقع الذي سيكون في ذلك الوقت وهي خطة لم ينفرد بها المؤلف ولم يخترعها بل كل الذين لا يؤمنون بالغيب وبالمعجزات، الذين يرونها شيئًا محالًا يخالف سنن الكون، يتأولون معجزات الأنبياء السابقين الثابتة في القرآن على النحو الذي توافق به السنن الطبيعية، حتى تخرج عن معنى الإعجاز، إلى الشيء الطبيعي المعتاد، خشية أن يهزأ بهم الأوربيون، فيروهم متأخرين جامدين يؤمنون بما لا يوافق عقولهم.
(١) هذا تعبير ملتو، عجيب في التوراة فما نكاد نفهم: أيريد المؤلف أن الناس قد فهمته خطأ في الكتب السماوية، حتى لو كانت صريحة اللفظ، أم يريد أن الكتب السماوية هي التي فهمته خطأ لا ندري، والكلام بين يدي القارئ، فليفهم وليحكم، ثم الله يحكم ويعلم وهو أحكم الحاكمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>