فإذا أردنا أن نضع قواعد مستحدثة في هذا، كما وضع المتقدمون لغيره، وجب أن نترسم خطواتهم، ونتتبع آثارهم ونصنع صنيعهم في طريق الاستنباط، وهو الطريق الواضح، والمحجة البينة: أن نستقرئ النظائر، ونتتبع الأمثال، فنضم كل شكل إلى شكله، وننظر في الأمر الجامع يجمعها، حتى نخرج القاعدة الغالبة، ثم يكون ما ندَّ عنها شاذًّا أو نادرًا أو سماعيًّا، ثم إن شئنا وطاوعتنا القواعد قليلًا قسنا على الشاذ والسماعي في القلة والندرة وعند الضرورة. وهذا شيء بديهي لا يكاد يشك فيه عالم.
فحين نريد أن نضع قاعدة أو قواعد لتعريب الأعلام على مثال لغة العرب، يجب علينا أن نستقصي كل علم أجنبي نطق به العرب، وأن نعرف ماذا كان أصله في لغة أهله، وماذا صنع فيه العرب حين نقلوه، لنأخذ من ذلك معنى عامًّا جامعًا لصنعهم، يكون أساسًا لما نضع من قاعدة أو قواعد. وأكثر الأعلام التي نقل العرب، وأوثقها نقلًا ما جاء في القرآن الكريم، من أسماء الأنبياء وغيرهم. فلو تتبعناها وشئنا أن نخرج منها معنى واحدًا تشترك فيه كلها، بالاستقصاء التام والاستيعاب الكامل، وجدنا فيها معنى لا يخرج عنه اسم منها، وهو:
أن الأعلام الأجنبية تنقل إلى العربية مغيرة في الحروف والأوزان، إلى حروف العرب وحدها، وإلى أوزان كلمهم أو ما يقاربها، وأنها لا تنقل أبدًا كما ينطقها أهلها إلَّا أن توافق حروفها وصيغها حروف العرب وأوزانها.