اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإِسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظرة هواه؛ فصارتْ في بنيه شرعًا متبعًا يقدّمونها على الحكم بكتاب الله وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن فعل ذلك فهو كافر، يجب قتالُه حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يُحَكِّم سواه في قليلٍ ولا كثير، قال تعالى:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}. أي؛ يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون؟ {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. أي ومَن أعدلُ من الله في حكمه لمن عَقَل عن الله شَرْعَه، وآمَن به، وعَلم أن الله أحكمُ الحاكمين، وأرحمُ بخلقه من الوالدة بولدها؛ فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء). أرأيتم هذا الوصف القويّ من ابن كثير في القرن الثامن؟ ألستم تَرَوْنَه يصف حال المسلمين في هذا العصر في القرن الرابع عشر؟ إلا في فرق واحد، أشرنا إليه آنفًا: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام، أَتَى عليها الزمن سريعًا، فاندمجتْ في الأمة الإِسلامية، وزال أثرُ ما صنعتْ؟ ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالًا منهم؛ لأن الأمة كلها الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة، والتي هي أشبه شيء بالياسق الذي اصطنعه جنكيز خان، يتعلمها أبناؤها، ويفخرون بذلك آباءً وأبناءً، ثم يجعلون مردَّ أمرهم إلى معتنقي هذا (الياسق العصري) ويشجبون من عارضهم في ذلك، حتى لقد أدخلوا أيديهم في التشريع الإِسلامي، يريدون تحويله إلى (ياسقهم الجديد) بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخُدَع تارة، وبما ملكتْ أيديهم من السلطان في الدولة تارات.