كانوا من ورائه، واللائي كن من ورائه يدفعونه ويَدْفَعْنَه إلى تَقَحّم المهالك، ويتساقطون ويتساقَطْن فوقه في الهوة كالذباب، أحاطها هؤلاء ومن تبعهم ومن جاء من بعدهم بسياج قويّ برّاق من المداورة والنفاق، يزعمون أنهم لا يريدون الخروج على الإسلام، وأنهم إنما يبغون تفسيره بما لم يعلمه مَنْ قبلهم من العلماء الجهلاء والأئمة الجامدين! ! وأنهم إنما يريدون له النقاء والصفاء، وإزالة ما غَشَّى وجهَه من أكدار تراكمتْ عليه بمر العصور، وتعريضه للضوء والنور: نور أوربة، حتى يُعجب الخواجات!
زعموا أنهم لا يرمون إلّا إلى السفور: سفورِ الوجه فقط، لا سفورِ الصدور، ولا سفورِ النهود والظهور، ولا سفورِ شيء مما وراء ذلك، مما يراه الناس عيانًا في كل حَفْل وناد، بل يَرَوْن بعضه أو كثيرًا منه في المدارس والمعاهد، بل يرون شيئًا منه في المساجد والمعابد.
ثم جاءت هذه البُنَيَّة المدعية، فكشفت الستار كلَّه عن مقاصد هؤلاء الدعاة الذين كانوا يجمجمون ولا يكادون يصرحون بالأصل الذي إليه يقصدون، وإن كانوا لَيَفْعلون ويفعل مَنْ وراءهم، من المبشرين وأتباع المبشرين، وأبناء المبشرين، ومِن وراء أولئك المستعمرون المستترون والظاهرون: الذين يريدون استعباد المسلمين الأعزة، وهم يعلمون أنهم لا يصلون إلى ذلك إلا أن يقلبوهم أذلة بانتزاع هذا الإسلام، الذي أعزهم الله به من قلوبهم حتى يصيروا أذلة، والذين مهما يَنْسَوا فلا يَنْسَوا ثأر (لويس التاسع) الذي أسره