للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقل لا أذكر أنني قرأت مثلها في التصريح بما ينون ويعتزمون.

وإن كنت واثقًا منذ عقلت الدين، وفقهت الأوضاع السارية في بلدنا أن هذا هو المرمى والمآل من قبل أن نولد، بل من قبل أن يولد آباؤنا.

ثم جاءت هذه الدعوى، تضع الأمر كله على المنصة بين يدي القضاء، تعرض الموضوع من أوله (هل تقوم في مصر حكومة دينية؟ وهل الحكومة القائمة تطبق المبادئ الشرعية حقًّا وصدقًا؟ أو هل يعيش المصريون في مجتمع شرعي تطبق فيه أحكام الدين الحنيف؟ )

وهذه أسئلة في الصميم، لا تستطيع المدعية ولا محاميها، بل لا يستطيع من هو أكبر منهما وأعلم من رجال القانون وغيرهم أن يجيبوا إلا بالسلب، بل أنا لا أستطيع أن أجيب إلا بالسلب! فليس في مصر حكومة دينية، والحكومة القائمة - أعني نظم الدولة - لا تطبق المبادئ الشرعية حقًّا وصدقًا، بل لا تطبقها كذبًا وزورًا، بل أقول أكثر من هذا: إن النص في الدستور على أن دين الدولة الإسلام لا يمثل حقيقة واقعة، إنما هو خيال ووهم كبعض ما اقتبسنا من سخافات أوربة في الخيال والتمثيل، والمصريون لا يعيشون في مجتمع شرعي تطبق فيه أحكام الدين الحنيف.

ذلك بأن المبشرين والمستعمرين وأتباعهم وأنصارهم ربوا فينا أجيالًا متتابعة، ينزع الدين منها تدريجيًّا، وتقلب حقائقه في النفوس والعقول، على مبادئ الثورة الفرنسية وغيرها من مبادئ الهدم والإلحاد، حتى لقد وضعوا على ألسنة العلماء أنفسهم أنهم (رجال

<<  <  ج: ص:  >  >>