لألقيها يوم ٦ ربيع الأول سنة ١٣٦٠ (٣ أبريل ١٩٤١) ومنعني من إلقائها الوزير القائم على الأحكام العرفية الإنجليزية إذ ذاك، وهو حسين سري باشا رئيس الوزراء، وكان مما قلت فيها عن آثار القوانين الإفرنجية في نفوس متعلميها:
"كان لها أثر بيِّنٌ بارز في التعليم، فقسمت المتعلمين المثقفين منا قسمين أو جعلتهم معسكرين: فالذين علموا تعليمًا مدنيًّا، وربوا تربية أجنبية، يعظمون هذه القوانين وينتصرون لها، ولما وضعت من نظم وقواعد ومبادئ، يرون أنهم أهل العلم والمعرفة والتقدم، وكثير منهم يسرف في العصبية لها، والإنكار لما خالفها من شريعته الإسلامية، حتى ما كان منصوصًا محكمًا قطعيًّا في القرآن، وحتى بديهيات الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة، ويزدري الفريق الآخر ويستضعفهم، واخترعوا له اسمًا اقتبسوه مما رأوا أو سمعوا في أوربة المسيحية، فسموهم (رجال الدين) وليس في الإسلام شيء يسمى رجال الدين، بل كل مسلم يجب عليه أن يكون رجل الدين والدنيا"(١).
ولقد أخطأ هذا الرجل الكبير (رئيس الجمعية التأسيسية بالباكستان) خطأ آخر - إن صدق ما نقلته عنه تلك المجلة - أخطأ في ظنه أن الدولة الدينية هي التي يتولى الحكم فيها رجال الدين! !
(١) هذه المحاضرة الممنوعة نشرناها في مجلة الهدي النبوي في العدد ٦، من المجلد ٥، ثم نشرتها مع بحث آخر في كتاب (الشرع واللغة) المطبوع بدار المعارف بمصر، والفقرة التي هنا في (ص ٧١) منه.