للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُشرِبوا عقائد الإفرنج أن يظنوا حالنا كحال أوربة قبل موجة الإلحاد، التي قامت هناك لتدمير سلطان رجال الدين عندهم وطغيانهم، ثم لا يَدَعُ مجالًا لأن يقول ما قالته المدعية وما قاله أمثالها من قبل، من الفرق في الإسلام بين شؤون الاجتماع وشؤون الحكم وشؤون المعاملة وغيرها وبين الدين، فكل ما يفعل الناس وما يرون وما يعتقدون، وما يأخذون وما يدعون، داخل في حكم الإسلام وخاضع لسلطانه، رضي هؤلاء وساداتهم من المستعمرين والمبشرين أم أبوا؛ فالإسلام واضح بين لكل من أراد الهُدى، وهو كما قلت في تلك المحاضرة (لا يرضى من متبعيه إلا أن يأخذوه كله، ويخضعوا لجميع أحكامه، فمن أبي من الرضا ببعض أحكامه فقد أباه كله) (١).

ولذلك صارَحْتُ الأمةَ كلَّها حينذاك ورجالَ القانون خاصة، بالدعوة إلى وضع تشريع جديد على مبادئ الكتاب والسنة وفي حدود قواعدها، متعاونين متساندين جميعًا وصارحت رجال القانون بأننا سنعمل بالطريق السلمي للوصول إلى الحكم دونهم إذا أبوا أن يضعوا لهذه الدعوة الحقة لإعادة سلطان الإسلام في بلاد المسلمين، وبأني سأدعو العلماء عامة، من رجال الأزهر، ورجال مدرسة القضاء، ورجال دار العلوم (وسيستجيبون لي وسيحملون عبء هذا العمل العظيم وسيرفعون راية القرآن بأيديهم القوية، التي حملت مصباح العلم في أقطار الإسلام ألف عام) وبينت لهم السبيل الذي نسلكه أنه


(١) ص ٦٦ من كتاب (الشرع واللغة).

<<  <  ج: ص:  >  >>