والظاهر من سياق الآيتين أن قوله:{وَأَشْهِدُوا}. راجع إلى الطلاق وإلى الرجعة معًا، والأمر للوجوب؛ لأنه مدلوله الحقيقي، ولا ينصرف إلى غير الوجوب - كالندب - إلا بقرينة، ولا قرينة هنا تصرفه إلى غير الوجوب، بل القرائن هنا تؤيد حمله على الوجوب؛ لأن الطلاق عمل استثنائي يقوم به الرجل - هو أحد طرفي العقد - وحده، سواء أوافقته المرأة أم لا، كما أوضحنا ذلك مرارًا، وتترتب عليه حقوق للرجل قِبَل المرأة، وحقوق للمرأة قِبَل الرجل، وكذلك الرجعة، ويخشى فيهما الإنكار من أحدهما، فإشهاد الشهود يرفع احتمال الجحد، ويثبت لكل منهما حقه قبل الآخر، فمن أشهد على طلاقه فقد أتى بالطلاق على الوجه المأمور به، ومن أشهد على الرجعة فكذلك، ومن لم يفعل فقد تعدى حد الله الذي حده له، فوقع عمله باطلًا لا يترتب عليه أي أثر من آثاره".
"وهذا الذي اخترنا هو قول ابن عباس، فقد روى عنه الطبري في التفسير (ج ٢٨ ص ٨٨) قال: إن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد رجلين، كما قال الله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. عند الطلاق وعند المراجعة. وهو قول عطاء أيضًا، فقد روى عنه