فلا يجوز إفراد بعض ذلك عن بعض، وكان من طلق ولم يشهد ذوي عدل، أو راجع ولم يشهد ذوي عدل: متعديا لحدود الله تعالى، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ".
"واشتراط الإشهاد في الرجعة هو أحد قولي الشافعي، قال الشيرازي في المهذب (ج ٢ ص ١١١): لأنه استباحة بضع مقصود، فلم يصح من غير إشهاد كالنكاح، وهو أيضًا أحد قولي الإمام أحمد، انظر المقنع (ج ٢ ص ٢٥٩) والمغني (ج ٨ ص ٤٨٢) والشرح الكبير (ج ٨ ص ٤٧٢ - ٤٧٣".
"والقول باشتراط الإشهاد في صحة الرجعة، يلزم منه أنها لا تصح إلا باللفظ، ولا تصح بالفعل، كما هو ظاهر، وهو مذهب الشافعي".
هذا ما قلته في المسألة، وقد ردَّ عليه الأستاذ شيخ الشريعة من جهتين: من لفظ الدليل وسياق الآيات الكريمة، ومن جهة الحكمة الشرعية والفلسفة الإسلامية، فقال في الوجه الأول: "إن السورة الشريفة مسوقة لبيان خصوص الطلاق وأحكامه، حتى إنها قد سميت بسورة الطلاق، وابتدأ الكلام في صدرها بقوله تعالى:{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}. ثم ذكر لزوم وقوع الطلاق في صدر العدة، أي لا يكون في طهر المواقعة ولا في الحيض، لزوم إحصاء العدة وعدم إخراجهن من البيوت، ثم استطرد إلى ذكر الرجعة في خلال بيان أحكام الطلاق، حيث قال عز شأنه:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.