وقد أذن الله في شريعته للرجل بالاستقلال بإيقاع الطلاق، وبالانفراد برد المطلقة إلى عصمته، بصفات معينة، وفي أوقات خاصة، فتكون كلها شروطًا في صحة ما يفعله المطلق حين طلاقه، والمراجع حين رجعته، فإذا تجاوز الصفات التي رسمت له فيهما، أو الأوقات التي أقتت له، كان عمله باطلا؛ لأنه خرج عن الحد الذي ملك فيه الانفراد بالتصرف بالأذن من الشارع الحكيم.
ولذلك قلنا ببطلان الطلاق لغير العدة، وببطلان الطلاق من غير إشهاد، وببطلان سائر أنواع الطلاق الذي يسمى (الطلاق البدعي) وقلنا أيضًا ببطلان الرجعة من غير إشهاد، وببطلانها إذا قصد بها المضارة، ولم يقصد بها الإصلاح، كما قال الفقهاء جميعًا ببطلان الرجعة إذا كانت بعد انقضاء العدة، وببطلانها إذا كانت بعد الطلقة الثالثة وهكذا.
وهذا المعنى قد أوضحته مرارًا في كتاب (نظام الطلاق في الإسلام)، فمما قلته (ص ٦٠ - ٦٣):
"وليس المقصود من الطلاق اللعب واللهو، حتى يزعم الرجل لنفسه أنه يملك الطلاق كما شاء، وكيف شاء، ومتى شاء، وأنه إن شاء أبان المرأة بتة، وإن شاء جعلها معتدة يملك عليها الرجعة".
"كلا، ثم كلا، بل هو تشريع منظم دقيق من لدن حكيم عليم، شرعه الله لعباده ترفيهًا لهم، ورحمة بهم، وعلاجًا شافيًا لما يكون في الأسرة بين الزوجين من شقاق وضرار، ورسم قواعده، وحد