فكان ربما ينقح فيه بزيادة قليلة أو حذف كلمة أو كلمات، ولا أذكر أنه انتقد شيئًا مما لم يره قبل الطبع، بل كان راضيًا بالمكتوب بل معجبًا به. على أنه لم يكن كله نقلًا عنهُ ومعزوًّا إليه، بل كان تفسيرًا للكاتب من إنشائه، اقتبس فيهِ من تلك الدرس العالية جل ما استفاده منه" (١).
ثم استقلَّ السيد - رحمه الله - بعبء التفسير وحده بعد أستاذه، فقام به خير قيام، بل فاق في هذا المجال أستاذه الإمام؛ فإن الأستاذ الشيخ محمد عبده إنما كان روحًا وثابًا، وحكيمًا عظيمًا، وقائدًا ماهرًا، ولكن لم يكن مطلعًا على السنة النبوية اطلاعًا كافيًا، ولا يكون المفسر للقرآن مفسرًا حقًّا إلَّا بالتوسع في دراسة الحديث النبوي والتشبع منه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ببيان الكتاب للناس، فقوله وفعله وكل حالاته شرح لهذا الكتاب الكريم.
وقد أتمَّ السيد تفسير اثني عشر جزءًا من أجزاء القرآن، طبعت كلها. وفسر بعض آيات من أول الجزء الثالث عشر، ثم فقدناهُ أحوج ما كنا إليه، رحمهُ الله ورضي عنهُ.
وإن أخوف ما كنتُ أخاف هو هذا الموقف الذي صرنا إليه: مات السيد رشيد ولم يكمل تفسير القرآن. ولقد أذكر أني تحدثتُ إليه في هذا المعنى منذ عشرين سنة تقريبًا، وكنتُ من أقرب الناس إليه وأبرّهم به، فألححت عليه في أن يوجه عزمه وهمته إلى إتمام