ترجى من أمثالهم، مع الترفع عن الدناءة وعن السقوط في مهاوي الخسران، وإذا شاء عظماء الأمة أن يتربى أبناؤهم هذه التربية فإنهم يساعدون على ترقية التعليم الديني، ويجعلون له المكانة العليا في أفئدة الناس أجمع، وما ذلك على الله بعزيز. نسأله الهداية والتوفيق لأقوم طريق".
وقد بدأ بنفسه في تنفيذ ما دعا الناس إليه، ليكون مثالًا يقتدى به، فأخرجنا - أنا وأخي السيد علي - من المدارس المدنية إلى المعاهد الدينية، وكنت في السنة الرابعة بكلية غردون بالخرطوم، فاستأنفت الدراسة في السنة الأولى بالقسم الأوَّلي من معهد الإسكندرية.
وكان أكثر ما يحرص عليه في طالب العلم أن يكون قويّ الخلُق عزيز النفس مستقل الرأي، تمهيدًا لما كان يرجو، من إخراج رجال يزجّ بهم في معترك الحياة، ويبعث منهم في أعمال الدولة من إدارة وغيرها، وقد كان متفاهمًا على هذا مع ولاة الأمور، كما سمعت منهُ مرارًا، في سبيل الإصلاح العامّ، حتى تُبَثَّ الروح الإسلامية في نظم الدولة، وتقاوم تغلغل النفوذ الأجنبي، الذي كاد يخرج بالدولة وبالأمة عن دينها وعن مقومات حياتها، كان يرجو أن يعيد للإسلام مجده لو تحقق ما كان يرجو.
وفي أواخر سنة ١٣٢٤ ندب للقيام بأعباء منصب مشيخة الجامع الأزهر نيابة عن المرحوم الشيخ عبد الرحمن الشربيني بالإضافة إلى عمله في مشيخة الإسكندرية، أربعة أشهرٍ، من رمضان إلى ذي الحجة.