سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي منهم إلّا بالتقوى، يهيمن فوق هذه المبادئ مبدأ الإيمان بالله الأحد خالق الدنيا وما فيها من خير وشر، فهو الذي يعبد، ومنه تلتمس الهداية لسلوك طريق الخير ولتطهير النفس من أدران الأثرة والظلم، ولملئها بعوامل المحبة والأخوة والعطف على الفقير، والعدل والإحسان والخضوع لأوامره تعالى.
فهذا الإيمان وهذه العبادة للخالق المسير للأمور ابتغاء مرضاته وحسن الجزاء منه في دار الخلود: هذه العبادة هي زاد النفس؛ للتغلب على عوامل الشر، والاهتداء لعوامل الخير في كل المعاملات الإنسانية سواء منها ما كان بين الفرد وأسرته، أو ما كان بين الفرد وأخيه، أو ما كان بين الحكام والمحكومين، أو ما كان بين دولتهم بأكملها والدولات الأجنبية.
وهذه المبادئ الخالدة أساسية لكل حضارة، وإلَّا كانت واهية الأساس ينهار بناؤها برمته مرة واحدة، تأمل المدن الأوربية وكيف نسقت، وناطحات السحاب وكيف تعالت، والمصانع الضخمة وكم تنتج في اليوم بل في الساعة. تأمل كل هذا، وتأمل كيف يأكل بعض هذه الحضارة بعضًا؛ فتدك ما شيدت، وتقتل ما ولدت، وتسبب للإنسان من المتاعب أضعاف ما جلبته له من الرفاهية؛ ذلك أنها فقدت عنصر الإيمان الأساسي الذي يطهر النفس، ويملؤها بحب الخير للإنسانية لا لوطن واحد ولا لجنس واحد) إلى أن يقول في