الإيمان من النفوس، وبعد أن أدى ذلك إلى قيام أنظمة تستغل الإيمان استغلالًا وحشيًّا، سينتهي العالم إلى تلك المبادئ المطهرة للنفوس، النازعة منها الشرور والأنانية، والدافعة إياها للتضامن، موجهة للإنسانية بلا تفرقة بين الأجناس، سينتهي العالم إلى تلك المبادئ كأساس لتشريعاتهم) إلى أخر ما قال في الكتاب من أبحاث نيرة موفقة، تسمو عن أكثر ما يكتب الباحثون في هذا العصر، فاقرأه كله واستوعبه، فليس يغني بعضه عن بعض.
وكنت أثناء قراءتي الكتاب أسأل كل من لقيت من إخواني وخاصة من المحامين الأهليين، عن مؤلفه، فلم يكن لواحد منهم حظ معرفته، حتى أرشدتني نقابة المحامين، إلى عنوانه، وأنه مقيم في دسوق، وأن اسمه مقيد في جدول المحامين سنة ١٩٣٨، فعرفت أنه شاب ناشئ، فكتبت له كتابًا يوم الإثنين ١٢ محرم سنة ١٣٦٢ (١٨ يناير سنة ١٩٤٣)، ذكرتُ له فيه رأي في كتابه، وإعجابي بآرائه وعلمه، وبفقهه في الإسلام، وإدراكه حقائقه، أكثر مما يدركها كثير من علمائه، وذكرت له أنه كتب في قضية نعمل في سبيلها منذ أكثر من عشرين سنة، حتى لقد كدنا أن نضعف، ودعوته أن يضع يده في يدنا، وأن يكون قائدنا في جهادنا، يبث فينا من عزيمته القوية الفتية، ويرشدنا بما وفقه الله إليه من علم ونور، ثم كانت فترة علمت بعد أنه كان فيه مسافرًا، ثم جاءني جوابه المؤرخ ٢٩ محرم سنة ١٣٩٢ (٥ فبراير ١٩٤٣) فكان جوابًا أقوى روحًا ونفسًا من الكتاب، ثم تواترت