من غير أن يكون لواحد منهم مطمع خاص في شيء من محقرات هذه الحياة، ولكن سعيًا وراء الوحدة الإسلامية، التي لا قيام للدول إلا بها: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)} [الأنبياء: ٩٢] {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)} [المؤمنون: ٥٢]. وقد كانوا بضع مئين، ثم قواهم الله بإخوانهم الذين آووهم ونصروهم من أهل المدينة، فوضعوا الأساس الثابت لاستقلال الدولة الإسلامية: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [الحشر: ٨، ٩].
أيها المسلمون:
إن الصحابة الذين مات عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا مائة ألف أو يزيدون قليلًا، وهم الذين نشروا الإسلام في أنحاء الأرض، وهم الذين أنشأوا هذا الملك العريض، والمسلمون الآن يعدون أكثر من أربعمائة مليون، أي؛ أن الواحد من الأولين خلفه أكثر من أربعة آلاف من المسلمين الحاليين، فهل فيهم من غناء للإسلام؟ هل حفظوا ما بأيديهم مما ترك لهم هؤلاء الأبطال من مجد وسلطان؟
إني لأخشى - والله - أن يكون قد تحقق في المسلمين قول