وروى الإمام أحمد من طريق عوف الأعرابي عن زرارة بن أوفى عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لما كان ليلة أُسري بي وأصبحت بمكة، فظعت بأمري، وعرفت أن الناس مكذبي". فقعد معتزلًا حزينًا. قال: فمر به عدو الله أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه، وقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "نعم". قال: ما هو؟ قال:"إنه أسري بي الليلة". قال: إلى أين؟ قال:"إلى بيت المقدس". قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال:"نعم". قال: فلم يُرِ أنه يكذبه مخافة أن يجحده الحديث إذا دعا قومه إليه، قال: أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتني؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم". فقال: هيا معشر بني كعب بن لؤي. فانتفضت إليه المجالس، وجاؤوا حتى جلسوا إليهما، قال: حدِّث قومك بما حدثتني. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أسري بي الليلة". قالوا: إلى أين؟ قلت:"إلى بيت المقدس". قالوا: ثم أصبحت بين ظَهْرَانَيْنَا؟ قال:"نعم". قال: فمن بين مصفق، ومن بين واضع يده على رأسه متعجبًا للكذب زعم". قالوا: وهل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فذهبت أنعت، فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت". قال: "فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه، حتى وضع دون دار عقال - أو عقيل - فنعتُّه وأنا أنظر إليه" قال: "فقال القوم: أما النعت، فوالله لقد أصاب".