وهذا أيضًا حديث صحيح ثابت، رواه مسلم في صحيحه عن زهير بن حرب عن حجين بن المثنى شيخ ابن سعد فيه.
هذا قليل من كثير مما ورد من الأخبار الصحيحة في الإسراء والمعراج، وكلها تدل دلالة صريحة واضحة عن أن الإسراء والمعراج كانا بشخصه الكريم - صلى الله عليه وسلم - أي بجسده وروحه، ولا يفهم منها سامعها غير ذلك، وقد بدا لبعض المتأولين من المتقدمين والمتأخرين أن يتأولوا كل النصوص، ويفهموا منها أن الإسراء والمعراج كانا بروحه فقط، وزعم بعضهم أن ذلك كان رؤيا في المنام، ولا تجد لواحد من هذين الفريقين دليلًا يعتمد عليه في نقل دلالة الأخبار عن ظاهرها وصريحها، وهو مدلولها الحقيقي في وضع اللغة، فإنما التأول نوع من المجاز الذي لا يصار إليه في الكلام إلا بدليل أو قرينة واضحة. نعم، قد تجد حديثين عن عائشة ومعاوية، يفهمان أن الإسراء لم يكن بجسده الشريف، وهما حديثان ليسا مما يحتج بمثلهما أهل العلم بالحديث، وقد رواهما ابن إسحاق في السيرة، قال: حدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة كانت تقول: ما فقد جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الله أسرى بروحه.
وقال: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن معاوية ابن أبي سفيان كان إذا سئل عن مسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كانت رؤيا من الله صادقة. قال ابن إسحاق عقيب ذلك: فلم ينكر ذلك من قولهما لقول الحسن: هذه الآية نزلت في ذلك، [يعني] قول الله