للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة أصلًا، وإنما يروي عن التابعين فقط، ومات سنة ١٢٨، ومعاوية مات سنة ٦٠، وأما حديث عائشة فإنه كما ترون لا إسناد له؛ لأن قول ابن إسحاق: حدثني بعض آل أبي بكر. إيهام للراوي، فلا نعرف منه من الذي حدثه، وهل هو ثقة أو ليس بثقة؟ وهل أدرك عائشة أو لم يدركها؟ فكلا الحديثين منقطع الإسناد، مجهول الراوي، لا يحتج بمثله عند أهل العلم.

وقد نقل الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره قول ابن إسحاق، ثم رده أبلغ رد؛ فقال: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله أسرى بعبده محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كما أخبر الله، حمله على البراق حتى أتاه وصلى هنالك بمن صلى من الأنبياء والرسل، فأراه من الآيات. ولا معنى لقول من قال: أسري بروحه دون جسده؛ لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن فيه ما يوجب أن يكون دليلًا على نبوته، ولا حجة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك كانوا يدفعون به عن صدقه فيه؛ إذ لم يكن منكَرًا عندهم، ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام على مسيرة سنة، فكيف ما هو على مسيرة شهر أو أقل؟ !

وبعد: فإن الله أخبرنا في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم يخبرنا أنه أسرى بروح عبده، وليس جائزًا لأحد أن يتعدى ما قال الله إلى غيره، ولا دلالة تدل على أن مراد الله من قوله: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>