للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع ملكة سبأ؟ ! فقد أخبرنا الله - سبحانه - بما دار بين سليمان وبينها من المراسلة، ثم قال - تعالى -: {قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠)} [النمل: ٣٨ - ٤٠].

فهذه حادثة لا تحتمل تأويلًا، استطاع فيها رجل من أصحاب سليمان - عليه السلام - بما علَّمه اللهُ من الكتاب، أن ينقل عرش الملكة من اليمن إلى الشام في مثل لمح البصر، ويؤمن بصحتها كل مسلم يصدق القرآن، وهي من نوع الإسراء والمعراج في نقل الأجسام، فماذا تسمون من يؤمن ببعض الآيات وينكر بعضها؟ !

أيها السادة:

قد فشت بدعة منكرة في هذا العصر، وهي بدعة تأويل نصوص القرآن لتطابق ما يسمونه (العلم الصحيح أو العلوم الكونية) تقريبًا إلى متعلمي هذه العلوم، أو تملقًا إلى أساتذتهم المستشرقين، وهم طلائع المبشرين، وسواء عليهم أكانت هذه النظريات العلمية ثابتة بثبوت اليقين، أم كانت من الظنون التي يفترضها العلم افتراضًا ويرجحها؛ لأنه لا يوجد فرض آخر أرجح منها، وإنما الذي يهم هؤلاء المتأولين أن يسميهم الناس مجددين! ! ! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>