وبقي مما هاجم به الكاتب الشريعة الإسلامية، أن عمد إلى أساس من أقوى دعائمها - وهو الأحاديث النبوية - يحاول هدمه بالتشكيك فيه.
وقد كان الرأي تأخير هذا الرد ليكتب في موضعه، عند الكلام على الحديث، ولكن رأى إخواني أن أبادر بالكتابة في هذه المناسبة، احتياطًا من الأثر السيئ لكتابة الكاتب عند نشر أقواله باللغة العربية، وذيوع آرائه بين أبناء العروبة في مختلف الأقطار الإسلامية، وقد كان ضررها قاصرًا على من يقرأ الدائرة باللغات الأجنبية وحدها.
لم يأت الكاتب بأي دليل يؤيد طعنه على صحة الأحاديث وثبوتها إلا رأيه ورأي أخ له هو المستشرق (جولدزيهر) ثم إثارة الشكوك بكلمات جوفاء لا طائل تحتها؛ كادعائه أن من الواضح أن هناك أحاديث كثيرة لا يمكن أن تكون صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن محاولة وجود شيء في الحديث يمكن القطع بصحة نسبته إليه تاريخيًّا - محاولة فاشلة، وأن الفرق الإسلامية لما اختلفت في الآراء أخذ كل فريق منها يضع أحاديث يؤيد بها رأيه، وأن الأحاديث التي فيها مشابهة لما ورد في القرآن مشكوك فيها أيضًا، وكدعوى جولدزيهر: "أن الأحاديث ليست في الواقع إلا سجلًّا للجدل الديني في القرون الأولى، ومن ثم كانت قيمتها التاريخية، لكن هذا السجل مضطرب كثير الأغلاط التاريخية، وفيه معلومات