ومعنى "المتواتر" عند علماء المصطلح والأصول وغيرهم؛ أنه خبر يرويه جمع من الناس يمتنع اتفاقهم وتواطؤهم على الكذب، عن جمع كثير مثلهم، وهكذا طبقة بعد أخرى، حتى يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا لا يمكِّن أحدًا أن يشك في صحته وثبوته، اللهم إلا أمثال الكاتب من المستشرقين وأتباعهم، وهذا النوع من المتواتر كثير جدًّا في السنة، والقليل منه متواتر بلفظه ومعناه، وأكثره متواتر بالمعنى، كعدد الصلوات الخمس، وعدد الركعات في كل صلاة، ومثل كثير من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن حاول بعض الناس في هذا العصر إنكار المعجزات المادية.
ومعنى "المشهور" أنه حديث يرويه رواة ثقات صادقون، طبقة عن طبقة حتى يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، على أن لا يقل عدد الرواة في كل طبقة عن ثلاثة، وهذا أيضًا كثير جدًّا في السُّنة، باللفظ وبالمعنى، وفي الحقيقة أن المتواتر قسم من هذا النوع - المشهور - ولكنه أعلى أقسامه في الثبوت، فجعل نوعًا على حدة.
وباقي الأحاديث الصحيحة بعد ذلك يسمى "آحادًا" في اصطلاحهم، وهو الحديث الذي رواه الراوي الثقة الصادق عن مثله طبقة بعد طبقة، حتى يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، يخبر كل واحد من هؤلاء الرواة باسم الذي أخبره ونسبه، وكلهم معروف الحال والعين والعدالة والزمان والمكان، ليس في أحد منهم مغمز في دينه،