(٢) هذه دعوى غريبة لا توافق أي دليل، ولا نجد لكاتبها وجهًا يستند إليه ولا على سبيل الشبهة، فإنه يرمي بذلك الأمة العربية، في أوج فصاحتها وبلاغتها بأنها لا تفرق بين كلمتين تشابهتا في بعض الحروف وهما كلمتان مختلفتا المعنى: إحداهما عربية خالصة، مرجعها إلى مادة "نصر" التي اشتقت منها مشتقاتها، والأخرى نسبة شاذة على غير قياس إلى كلمة أعجمية الأصل، هي علم جامد لا يشتق منه شيء، وهي كلمة "ناصرة" اسم قرية قيل: إن المسيح عيسى - عليه السلام - ولد فيها أو نشأ بها. ولن يشتبه الأمر بين الكلمتين على أجهل عربي بلغة قومه، فضلًا عن القرآن الكريم، وهو معجزة العرب، وقد جاء به سيدهم وأفصحهم وأعلمهم بالعربية، وصدع به قومًا كان جلّ فخرهم بالفصاحة والبلاغة. ثم ماذا يرى الكاتب من البأس في وصف الحواريين - رضي الله عنهم - بأنهم "أنصار الله"؟ ! هل يرى في هذا الوصف مذمة تعيبهم أو منقصة تلحقهم أراد أن يبرئهم منها؟ ! .
أما نحن فنصدق ما حكاه الله عن نبيه عيسى - عليه السلام - وعن الحواريين: من أنهم كانوا أنصار الله، نصروا نبيهم عيسى في مواقف الشدة ضد أعدائه وأعداء دينه، وآمنوا به وصدقوه، ونصروا ما جاء به من توحيد الله وتنزيهه، ومن الدعوة إلى الحق، فكانوا بذلك أنصار الله.
(٣) ادعى الكاتب في هذا الموضع دعاوى لا توافق شيئًا من الحقائق التاريخية الثابتة، فإنه لم يزعم أحد قط أن لقب "الأنصار" إذا