وكذلك نقل الكاتب "أن الأوس وقفت من النبي موقفًا محايدًا إن لم تكن ناصبته العداء أحيانًا" إلى آخر ما ألقاه هنا كأنه حقيقة تاريخية مقررة: فإنه شيء لم نجد له مثيلًا ولا شبيهًا مما في أيدينا من كتب التاريخ والسير والأحاديث، ولا نرى شبهة له في نقله هذا، وإن الأوس كانوا والخزرج سواءً في نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته إلى الإقامة بين أظهرهم، وكان الحاضرون من الأنصار في بيعة العقبة الأولى ١٢ رجلا منهم رجلان من الأوس، ثم شهد بيعة العقبة الثانية ٧٣ رجلًا وامرأتان، منهم ١١ رجلًا من الأوس (انظر المصادر المتقدمة وغيرها من كتب السيرة) وشهد غزوة بدر ٣١٤ رجلًا، منهم ٨٣ من المهاجرين و ٦١ من الأوس و ١٧٠ من الخزرج، انظر سيرة ابن هشام (ص ٤٨٥ - ٥٠٦)، وتاريخ ابن كثير (ج ٣ ص ٣١٤).
(٤) قال الله تعالى في سورة آل عمران في شأن الأنصار: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. [١٠٣]. وقال في سورة الأنفال: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣)} [٦٢، ٦٣]. وخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصار فكان مما قال:"يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالًا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ " فكلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنّ. ونقل ابن إسحاق