للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيحة أيضًا؛ لأنها فقدت أهم شرط من شروط صحة القراءة، أو هو الشرط الأساسي في صحتها، وهو موافقة رسم المصحف، وظهر أن الحق الذي لا يتطرق إليه الشك، ولا يستطيع مجادل أن ينازع فيه: أنها آية في كل موضع كتبت فيه في المصحف.

وأما أنها آية من السور المكتوبة في أولها أو آية مستقلة، فإنه محل نظر وبحث، والذي يظهر لي ترجيح أنها آية من كل سورة كتبت في أولها، أي؛ من جميع سور القرآن سوى براءة، وأنه لا يجوز لقارئ أن يقرأ أية سورة من القرآن - سوى براءة - من غير أن يبدأها بالتسمية التي هي آية منها في أولها، سواء أقرأها ابتداء أم وصلها بما قبلها، وهذا الذي اختاره الشافعي رضي الله عنه، فيما نقله عن العلماء، وهو الذي يفهم من كلامه الذي نقلنا آنفًا عن كتابه "الأم".

وبعد: فقد يبدو للناظر بادئ ذي بدء أن يتكره هذا القول وينكره، لما فيه من الحكم على بعض أوجه القراءات السبع بعدم الصحة، لما شاع بين المتأخرين والعامة، من أن هذه القراءات السبع متواترة تفصيلًا، بما فيها من بعض الاختلاف في الحروف وبما فيها من أوجه الأداء، وهذه شائعة غير صحيحة، بدأ القول بها بعض متأخري العلماء، ثم تبعه فيها غيره، ثم أذاعها عامة القراء وعامة أهل العلم، من غير نظر صحيح، ولا حجة بينة، وقد ردها كثيرون من أئمة القراء والعلماء، قال أبو شامة المقدسي: "ونحن وإن قلنا: إن القراءات الصحيحة إليهم نسبت، وعنهم نقلت فلا يلزم أن جميع ما نقل عنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>