فها هي الصور العقلية كلها في تقليب هذه الحروف الثلاثة (ب ع ل) بالتقديم والتأخير، استعملها العرب جميعًا، وإذا ذهبنا نبحث فيما يخرج منها بتغيير بعض الحروف بما يقاربها في المخرج كما إذا أبدلنا من الباء فاء مثلًا وجدنا الصور الستة فيها مستعملة كلها:(فعل، فلع، عفل، لفع، لعف، علف).
وكذلك إذا وضعنا بدل العين حاء، وجدنا تقاليب المادة مستعملة كلها:(بحل، بلح، حبل، لبح، لحب، حلب). وكذلك إذا وضعنا الفاء والحاء بدل الباء والعين:(فحل، فلح، حفل، لفح، لحف، حلف).
وهكذا مما لو تتبعناه تفصيلًا طال الأمر جدًّا، فليس من المعقول بعد هذا أن يكون في كلمة "بعل" أية شبهة من العجمة، والنقول التي فيها أن الكلمة بمعنى "الرب" لغة أهل اليمن لا تنافي هذا، فاليمنية عربية، وكثير من الألفاظ التي تفردت باستعمالها عرفت قبل الإسلام في مضر، وقليل منها لم يعرفه سائر العرب، ثم عُرف بعد وكلها لغة واحدة.
هذا إلى أني أذهب إلى ما ذهب إليه الشافعي وأبو عُبَيْدةَ: أنه ليس في القرآن كلمة واحدة غير عربية، حاشا الأعلام. وأنصر هذا القول وأجزم بأنه الحق، وإن خالفتُ فيه كثير من الأصوليين واللغويين.
قال الشافعي في [كتاب الرسالة](في الفقرات ١٣١ - ١٣٦، ص ٤١ - ٤٢ من طبعة الحلبي بتصحيحي):
"فالواجب على العالمين أَلَّا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك