وأما جهده في نشر الكتاب فتحدث الشيخ عنه بقوله: "ولما عزمنا - بحول الله وقوته - على الشروع في طبعه، بدأت في التعليق عليه، وتدارك ما فاته أداءً لأمانة العلم؛ فجمعت بين يدي كل ما طبع من كتب السنة وتراجم رجالها، وأكثر كتب الفقه والأصول واللغة وغير ذلك، وبذلت جهدي في تصحيحه والتوثق من كل كلمة فيه بالرجوع إليها في أصولها - إلا ما ندر - وذكرت مذاهب كثير من الأئمة المجتهدين غير الأربعة: مثل الأوزاعي، وإسحاق، وداود، وأشرت إلى أدلة كل إمام منهم. وتكلمت على الأحاديث التي ذكرها فبينت من روى كل حديث، وذكرت درجته العلمية، ووجه صحته إن كان صحيحًا، أو ضعفه إن كان ضعيفًا على طريق الإنصاف.
وما ألوت أن أبين ما يرجحه الدليل في مواضع الخلاف والنظر متبعًا سبيل من هدى الله غير مقلد لأحد ولا متعصب لمذهب. وما أدّعي أني صنو أي مجتهدٍ منهم، ولكني امرؤ أمرني ربي أن آخذ ما آتاني الرسول فأَطَعْتُ، فإن أصبتُ فمن الله، وإن أخطأتُ فمن نفسي. وما توفيقي إلا بالله.
وحققتُ فيما كتبته - بعون الله سبحانه وتعالى - بعض مسائل على مثالٍ لم أره فيما وصل إلي من كتب الخلاف.
وحسبي هذا فقد أخشى إن استرسلتُ أن يصل بي القلم إلى التغالي في مدح كتابي، وما كان هذا من خلقي. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقني إلى إتمامه، وأن يهديني إلى الحق، وأن يرزقني