الأمور المسلمة عند الجميع في أول الأمر؛ ولهذا نجد أن الثقة بأبي هريرة كانت محل جدل عنيف بين كثير من الناس".
تعليق أحمد شاكر:
لم تكن الثقة بأبي هريرة محل جدل إلا عند أهل الأهواء، ثم تبعهم بعض من اصطنع الجرأة في الطعن على السنة من المتأخرين، وإنما كان بعض الصحابة يأخذون عليه الإكثار من الحديث خشية الخطأ، ثم كانوا إذا حققوا ما أخذوا عليه أيقنوا من صحة ما روى، والأخبار في ذلك متكاثرة. وكان هو يرد على من أخذ عليه كثرة الرواية، يقول: "إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله الموعد، إني كنت امرأ مسكينًا أصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم". وقال ابن عمر: "أكثر أبو هريرة". فقيل له: "هل تنكر شيئًا مما يقول؟ " قال: "لا، ولكن جرؤ وجبنا". فبلغ ذلك أبا هريرة فقال: "ما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا". وغاضبه مروان بن الحكم فقال له: "إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة الحديث، وإنما قدم قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيسير". فقال أبو هريرة: "قدمت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وأنا يومئذٍ قد زدت على الثلاثين، فأقمت معه حتى مات، وأدور معه في بيوت نسائه وأخدمه وأغزو معه وأحج، فكنت أعلم الناس بحديث، وقد والله سبقني قوم بصحبته، فكانوا يعرفون لزومي له فيسألونني عن حديثه، منهم عمر