أقوامًا مثله، كانوا من قبله، وكانوا في عصر رسول الله، يرونه ويجالسونه، فيقول الله فيهم {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل: ١٤]. فماذا يزيد في فضل حمزة أن يكون أخًا لرسول الله في الرضاع، وماذا ينقص من فضله أن لا يكون أخًا من الرضاع، وأفضل الصحابة - على الإطلاق - أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومع ذلك لم يكذب المسلمون - في زعم الأب لامنس - فيدعوا أن واحدًا من هؤلاء كان أخًا لرسول الله في الرضاع!
ثم هذا الخبر في أن حمزة أخو رسول الله في الرضاع، هل جاء في أثناء ذكر مناقب حمزة في سياق الرواية؟ كلا. إنه إنما جاء عرضًا، حين عرض علي بن أبي طالب على رسول الله أن يتزوج بنت حمزة، فأجابه:"إنها ابنة أخي من الرضاعة، وإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب". فقد جاء هذا في سياق تقرير حكم شرعي يتعلق بالحل والحرمة، يعلمهم رسول الله أن الله جعل الرضاعة بمنزلة النسب، وحرم فيه من النكاح ما حرم من النسب، لم يذكر قط في سياق مدح حمزة أو ذكر مناقبه.
ويتضح من ذلك أن الأب لامنس لم يستطع فهم معنى الحديث، في أخوة حمزة من الرضاع، على معناه الدقيق الواضح الذي يعرفه كل مسلم من عالم وجاهل، فظن أن هذا الخبر إنما يراد به إثبات صفة جديدة بقصد التمجيد، فكتب ما كتب.