الخطأ أن يظن الناس أن الدين الإسلامي لا علاقة له بالمعاملات ولا بغيرها من شؤون الدولة والحكم، وعن هذا كان خطأ كاتب المقال فيما سيأتي من الاضطراب والتناقض، ومن محاولة ادعاء أن الخطبة عند المسلمين مأخوذة من غيرهم، ولكن المعنى الصحيح إجمالًا ما أشرنا إليه من قبل في الهامشة (٢، صفحة ٣٧٣) من هوامش هذا المقال، والأمثلة التي سيذكرها الكاتب تؤيد ما قلنا وتوضحه، بل إن بعضها - ومثله كثير في السنة الصحيحة - يدل على أن الخطبة مطلقًا، سواء أكانت للجمعة أم العيدين أم غيرهما، إنما هي تعليم وتبليغ وإرشاد وتنظيم، في كل شؤون المسلمين من عبادة، ومن خلق، ومن نظم للحكم، ومن فصل القضاء في وقائع فردية، ومن تحريض على الجهاد، وتنظيم للجيوش والسرايا، وتعليم للأفراد، وإجابة سائل مستفيد، فهي تشمل كل هذا وغيره. وما ضعف المسلمون واضطرب أمرهم إلا بعد أن ترك أمراؤهم وحكامهم هذه الخطبة السامية الدقيقة التي رسمها لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما تركوها؛ لأن أكثرهم فقدوا الشرط الأول والأساسي في الإمام (أي الخليفة) والحاكم والوالي والقاضي، وهو معرفة الدين والعلم به إلى درجة الاجتهاد، فإذا فقدوا هذا فقدوا أكبر مقوم لهذه المناصب الجليلة العظيمة.
[المادة: الخطبة]
الجزء: ٨/ الصفحة: ٣٧٥
جاء في دائرة المعارف الإسلامية:
"ومهما يكن من أمر الشك في هذه الأحاديث، فلسنا نبتعد عن