وأنا محتلم". وليس في هذا معنى فروض الولاء، وإنما يريد الزهري بذلك بيان عمره: أنه كان إذ ذاك في نحو الخامسة عشرة أو أقل.
أما الادعاء بأن عبد الملك منع الحج، فهو أكذوبة على عبد الملك بن مروان، اخترعها أعداء بني أمية، وكان عبد الملك أعلم بالدين، وأتقى لله من أن يفكر في مثل هذا العمل الذي هو خروج عن الإسلام صراحة.
ويقول الكاتب فيما يختص بالحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد الأقصى". أن الحج يكون إلى هذه المساجد الثلاثة. وهذا تحريف لمعاني الكلام، فليس في الإسلام شيء يسمى حجًّا إلا الحج إلى البيت الحرام، وأما المسجدان الآخران: الحرم النبوي، ثم مسجد بيت المقدس، فإنما يقصدان للصلاة فيهما فقط، لورود الحديث في مضاعفة الأجر فيهما بأقل مما يضاعف في المسجد الحرام بمكة.
ويقول الكاتب: "ويصح لنا أن نفترض أن الزهري شخص إلى دمشق تحدوه آمال من هذا القبيل؛ ليروى لعبد الملك ذلك الحديث المؤيد لدعوته باسم شيخه سعيد بن المسيب". على أن هذا الفرض ساقه الكاتب من غير أي دليل، وهو مناف تمامًا لخلق الزهري العالم العظيم القوي في الحق. ولا أدل على ذلك مما رواه الذهبي (تاريخ الإسلام، جـ ٥، ص ١٤٦): "قال يعقوب بن شيبة، حدثني الحسن الحلواني، حدثنا الشافعي، حدثنا عمي قال: دخل سليمان بن يسار