للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[عبد الله بن سعدي الغامدي العبدلي]

* اسمه وكنيته:

هو شيخنا الشيخ العلامة المجاهد المعمّر الأثري السلفي أبو عبد الرحمن عبد الله بن سعدي بن عبد الله بن علي آل رافع بن عطية الغامدي العبدلي - بارك الله في عمره وغفر له -.

* مولده:

ولد الشيخ - حفظه الله - في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وهو عن نفسه يقول: (لا أعرف متى ولدت) ، وفي تقدير الأحوال المدنية المدوّن في حفيظة النفوس، قدر مولده عام (١٣٣٣هـ) ، ويقول أحد أبناءه وهو فضيلة الدكتور / يحي بن عبد الله بن سعدي: (في الحقيقة هو يذكر أشياء قبل هذا التاريخ، مما يدل على أن مولده كان قبل ذلك، إضافة إلى أنه وجد بعض الوثائق المكتوبة بخطه سنة (١٣٤٣هـ) ، ويستبعد أن يكون قد كتبها وهو في سن العاشرة.

وكانت ولادته في قرية (مصب) المعروفة الآن بقرية (مسبا) ، وهي من قرى محافظة الباحة، وقد دخلت الآن في مدينة الباحة نتيجة للزحف العمراني.

- نشأته وطلبه للعلم ورحلته فيه:

نشأ الشيخ في قريته المذكورة، ثم لما امتد به العمر رحل إلى مكة

المكرمة، وطلب العلم فيها، والتقى بأكابر العلماء ذلك الحين في الحرم المكي، وفي دار الحديث، وأخبرني الشيخ بنفسه أنه كان في بادئ أمره يميل إلى الفقه الشافعي، وقرأ فيه كثيرا، وحفظ (متن الزبد) ، ثم حبب إليه اتباع الأثر ونبذ التقليد، فتحرر من التمذهب، وإن كانت دراسته شملت بعض كتب المذهب الحنبلي عند مشايخه في نجد كما سيأتي ذكره.

ويقول شيخنا لي: (بأنه حين عودته من مكة إلى الباحة، مرّ بالطائف، وأدركته الصلاة بمسجد: (الهادي) فلما صلى به، إذا بشيخ حوله جماعة من الطلاب، وهو يقرأ من كتابٍ ويعلّق عليه، فانضممت إلى الحلقة، وسمعت منه كلاماً يطيب به القلب، وينشرح له الخاطر، فسألت من هذا الشيخ؟ ، فقالوا لي: هو الشيخ أحمد المغربي المالكي (١) ، فلما انتهى الشيخ من الدرس، ابتدرته، وأثنيت على درسه وسألته عن هذا الكتاب الذي علق به قلبي ومسامعي؟ ، فقال لي: هذا كتاب " فتح المجيد شرح كتاب التوحيد "، للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله تعالى -، فطلبت منه أن يعيرني الكتاب لقراءته فرفض لعدم توفر نسخ منه عنده ذلك الحين، ولكن قال لي بإمكانك أن تحضر معنا هذا الدرس كلّ يوم، قال شيخنا: فقطعت نية السفر إلى الباحة، ومكثت عنده أياماً عدّة استمع فيها إلى الكلام في التوحيد الذي من أجله خلقنا الله تعالى، ثم عدّت إلى الباحة، ولم أطل فيها المكث فرجعت إلى مكة، وبحثت عن كتاب " فتح المجيد " حتى اشتريته) .

ثم طاف الشيخ البلاد وجاب فيها، فتجول في سهول تهامة وجبال السروات، ورحل إلى اليمن، وطاف بمدن الشمال، والقصيم، ورحل إلى أهل العلم في نجد، وبلاد الوشم، في كلّ ذلك يلتقي بالعلماء ويستفيد من علومهم، ومن أشهرهم كما سيأتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -، فقد لازمه عشر سنوات أو يزيد، وحفظ عنده المتون وقرأ عليه الكثير.

كما له مذاكرات وصلة بشيخنا العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، منذ أن كان الشيخ عبد العزيز قاضياً في الدلم إلى قبل وفاته رحمه الله، وكان شيخنا عبد العزيز بن باز - رحمه الله - يجلّه ويحترمه، ويعرف له جهوده في الدعوة ويثني عليه، وقد سمعت شيخنا ابن باز - رحمه الله - يثني عليه أكثر من مرّة، ومن عادته أنه كان يبعثني بالسلام عليه والتهنئة بالعيد أكثر من مرّة.

- جهوده الدعوية ومؤلفاته:

كان الشيخ ممن بذل جسده ووقته في الدعوة إلى التوحيد وإنكار الشرك والبدع والخرافات، فكانت له الجهود المذكورة المشتهرة في بلاد غامد وزهران، وجبال السروات، وسهول تهامة، في الدعوة إلى التوحيد، وتعليمه للناس، وإنكار الشرك والخرافات، وهدم القبور التي يعتقد فيها جهلة العوام، وأحرق كتب السحر والشعوذة أين ما وجدها، وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم - هكذا نحسبه والله حسيبه -، حتى لقي من الأذى والإنكار، ومعارضة أهل الشرك والهوى والحسد، ما لقي الدعاة المصلحين من قبله من الأنبياء وأتباعهم، فأذاعوا عنه الشتائم والافتراءات، فأظهر الله له النصرة، ومحبة الولاة والعلماء وعامة الناس له، حتى خوّله الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - وبعده الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - بالوعظ وتعليم الناس التوحيد، ونشر العلم، ودعم ذلك تأييد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - له، وكتابة وصاية لولاة الأمر وأمراء المدن حينئذٍ بمساعدته وتسهيل سبل الدعوة له.

وقد عرض عليه القضاء وبعض المناصب الدينية فرفضها.

وهذا الجهد من الشيخ لم يترك له الوقت الكافي في التفرغ للتأليف والكتابة، ولكنّه كتب عدة رسائل منها:

١- كتاب " الإيضاحات السلفية ".

٢- كتاب " منهج المنعم عليهم ".

٣- كتاب " تحذير الناس من منهج المغضوب عليهم ".

٤- كتابه الفريد: " عقيدة الموحدين والرد على الضلاّل

والمبتدعين "، مجموع رسائل لأئمة الدعوة السلفية

في التوحيد، كان له من النفع والانتشار الشي الذي

يسعد قلوب الموحدين.

٥- وله مكاتبات ورسائل وبحوث مختصرة، موجودة ضمن

مكتبته العامرة.

ومع ذلك فإن الشيخ - حفظه الله - معروف عند من داخله بالجلد في القراءة والكتابة، حتى إنه ينهي المطولات في فترة وجيزة مع التعليق عليها وفهرسة الفوائد والتنبيهات.

-عبادته وزهده وأخلاقه:

من جميل وصف شيخنا - حفظه الله - أنه من المداومين على العبادة وممن أعطوا فيها جلداً كبيراً، وكان فترة نشاطه لا ينقطع من الإكثار من صلاة النافلة وصوم النوافل، زيادة على كثرة إخباته وتضرعه إلى الله تعالى، ومما جرّب عن شيخنا - حفظه الله - أنه مجاب الدعوة، عظيم الرجاء بالله، وله قصص ووقائع عدة تدل على ذلك.

ومما جرب على الشيخ أيضاً صدق التوكل على الله عز وجل، وتسليم أمره لله عز وجل، وسجل عنه العديد من القصص في ذلك حين معاداة خصومه له وقت شبابه إلى أن طرحه المرض على الفراش.

ومع ما تقدم من ذكر وصفه، هو لا يحب الظهور، والإكثار من المدح، ويكثر من تحقير نفسه أمام جلسائه، ويقول: (أنا أستفيد منكم أكثر) ، ويرفض أن ينثني له الزوار كي يقبلوا رأسه وهو جالس، ويمنع هذا منعاً شديداً، ويكتفي بالمصافحة، ومن قبل رأسه قسراً يقبل الشيخ رأسه مثل ما صنع؟! ، ويلح بكرم الضيافة على كلّ من زاره في بيته، ويسأل زائريه عن أقربائهم من الآباء والأمهات، والإخوان والأخوات، ويهتم بأمور المسلمين في جميع أنحاء العالم، فيظهر الفرح لفرحهم، ويظهر الحزن إذا حلّت بهم مصيبة أو مظلمة، ويدعو لهم بإلحاح شديد بالنصرة والتأييد.

ولا يتكلّف الشيخ - حفظه الله - في لباسه، ولا في بيته، وكان إلى عهد قريب يسكن في بيت له قديم بحي الثقافة بالطائف، ومجلسه في

مكتبته الصغيرة المساحة المليئة بالكتب حتى السقف، ثم انتقل مؤخراً إلى حي الأمير أحمد بالردّف على طريق الشفا.

وهو مجلٌّ لأمر التوحيد، مكثر للمذاكرة فيه، كثير الاستحثاث لطلابه وزائريه على قراءة كتب التوحيد ومؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه - رحمهم الله تعالى -.

ومن هذه المحبة بالتوحيد والتعلّق به، أكسبته فطنة في التوحيد، تستنكر الشرك بجميع صوره الأكبر والأصغر.

ومن حسن خلقه إجلاله لحكام الدولة السعودية وإكثار الدعاء لهم، رافعاً يده إلى السماء، بصلاحهم وصلاح بطانتهم، ونصر الإسلام بهم، ويحفظ الكثير عنهم من أخبار وقصص لمن عاصرهم من حكّام هذه البلاد من لدن المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله تعالى - إلى هذا اليوم.

كما إنه يكثر الدعاء لأهل العلم، ومن حسن دينه عنده منهم، وظهرت له سلامته من البدع والأهواء، كالشيخ ابن عتيق وابن سحمان ومحمد بن إبراهيم والأمير الصالح خالد بن لؤي والإخوان أهل التوحيد وابن باز، ومن أقرانه أيضاً كالشيخ فهد بن حمين والشيخ المعمّر محمد بن سعيد القحطاني وناصر بن حمد وغيرهم.

ويحذر بالضد من أهل الأهواء والبدع بأعيانهم وطوائفهم، وربما يدعو عليهم أحياناً.

ويعلق على كتبهم بالذم لهم، وقد قرأت بعض ذلك في انتقاده بعض دعاة الوثنية في هذا الزمان، وقال عنه: (هذا المشرك الخبيث) .

وربما كاتب ولاة الأمر ومن ينوب عنهم في بيان ضرر بعض الفرق المنحرفة، ودعاة الضلالة، للأخذ على أيديهم ووقاية الناس من شرورهم.

ومن حسن أخلاقه شدّة صبره على البلاء، في دينه ودنياه، فكما تقدم من الإشارة إلى معارضة بعض الناس له في دعوته وأذيتهم له، كذلك الشيخ شديد الصبر بما يعاني من أمراض الآن، شديد التألم منها، ولكن ما يبرح أن يسلي نفسه بالصبر، ويحمد الله على حاله، ومن راءه حين اشتداد مرضه - شفاه الله منه - يظن بأن الشيخ لا يشتكي من شيٍ سوى الإقعاد.

وهو لا يكثر من الذهاب إلى الأطباء تجريداً للتوكل، واحتساباً للأجر، ويقول: (الطبيب هو الذي أمرضني فهو يشفين!!) .

-أولاده وطلابه:

للشيخ من الأولاد الذكور ستة، وهم:

عبد الرحمن وإبراهيم وإسحاق ويحي وعيسى ونوح.

وطلابه كثير منهم: ذعار بن زايد الحارثي ودوخي بن زيد الحارثي،

ومشعان بن زايد الحارثي، ٥- كاتب هذه الترجمة بدر العتيبي.

-ثناء أهل العلم عليه:

لقد لقي الشيخ من معاصريه الثناء والاحترام له، والاعتراف بفضائله، وممن أثنى على الشيخ من أهل العلم شيخه مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، فقال في تزكيته له: (من

محمد بن إبراهيم إلى من يراه من قضاة وأمراء المسلمين ممن أعطاهم الله السلطة والقدرة على نصر الدعاة لدين الله، وفقني الله وإياهم لما يحبه ويرضاه.

وبعد: فحامل خطابي هذا الشيخ / عبد الله بن سعدي العبدلي الغامدي قد تصدى للدعوة إلى الله، وتعليم الجهال أمر دينهم، ومعرفة ما أوجب الله من التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له، والتحذير مما ينافي ذلك من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر، من البدع القادحة فيه، ومن المعاصي المنقصة لثواب أهله، نسأل الله أن يمنحه التوفيق ... ) ، (ص/م ٣١١٦ في ٢٣ / ١٠ / ١٣٧٨هـ) ، من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (١٣ / ١٥٧- ١٥٨) .

وفي تقريظ الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى - لكتاب شيخنا المسمّى بـ " عقيدة الموحدين "، قال عنه الشيخ ابن باز: (فقد تقدم إليّ الأخ في الله فضيلة الشيخ / عبد الله بن سعدي الغامدي، وهو معروف بصدقه وأمانته وغيرته الدينية ووقوفه ضد الخرافات والأعمال الشركية والبدع ونحوها، وذبه عن العقيدة الإسلامية والدعوة إليها، ومكافحة ما يخالفها..)

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt ... %DB%C٧%E٣%CF%ED

بواسطة العضو عبد الله الخميس

<<  <   >  >>