للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسين مجيب المصري.. قصة حياة وكفاح

٠٥/٠٥/٢٠٠٤

ريهام محمد **

أنجبت فاطمة هانم حفيدة محمد ثاقب باشا وزير الأشغال المصرية في عهد الخديوي إسماعيل طفلا شاعت به البهجة في قصر الجد الوزير، سمي حسين تيمنا بالإمام الحسين رضي الله عنه، وكانت له مربية نمساوية تعلمه الفرنسية، فجرت على لسانه لثغات حلوة بالعربية والفرنسية، وكان والده علي حسني المصري ناظر دار العلوم العليا أكبر معهد علمي في مصر قبل تأسيس الجامعة المصرية. كان الفتى يستمع إلى أحاديث أساتذته في المدرسة عن فضل أبيه عليهم في إتقان اللغة العربية، وكثيرا ما أثنى الأساتذة على التلميذ، ويقولون له: "يا مصري ستكون أديبا عظيما"، ولكن التلميذ كان متأخرًا دراسيا لضعف بصره، حيث أجريت له عمليتان في عينه، ولكنه حاول جاهدا التغلب على هذه العقبة، وساعده على ذلك موهبته وتفوقه في اللغة العربية والإنجليزية.

وحينما بلغ حسين من العمر ١٣ عاما تعلق بحلاق لبناني كان يجاور القصر يحب الشعر حبا جما، وينشد الشعر القديم والحديث ويلحن قصائد الشعر، وفى بيته الكثير من الدواوين النادرة، فعرف حسين منه أسماء الشعراء الجاهليين والإسلاميين والمحدثين وأسماء أمهات الكتب في الأدب العربي والكتب الحديثة، فقرأ لجبران خليل جبران ومي زيادة ومصطفى صادق الرافعي، وحفظ كثيرا من الشعر، وبذلك أدركته حرفة الأدب.

وحين التحق بالثانوية العامة نظم شعرا بالفرنسية، كما كانت له عدة محاولات في ترجمة الشعر الإنجليزي إلى العربية، فتعرف في وقت باكر على أصول الترجمة، ونظم الشعر في لغات الشعوب الأخرى، وكان أول ما نظمه من شعر في اللغة العربية في وفاة ابنة عمه في ريعان شبابها، فتخيلها حبيبته استودعها الثرى، ونظم قصيدة هي من أعز القصائد إلى قلبه، ونشرت القصيدة في صحيفة المدرسة "السعيدية"، ثم نشرها في دواوين "شمعة وفراشة" ويقول فيها:

ذكرى بقلبي قد تفتح وردها ولوردها شوك من الأشجان

ما دام حسن في الوجود لأجل ذا ذبلت ذبول الزهر في البستان

يا لهف قد ماتت فما هي حيلتي فيما قضاه الله للإنسان

وأول ما يلحظه القارئ في شعر حسين مجيب المصري هو غلبة الحزن في أشعاره، وهو ما لازمه إلى الآن في قصائده. وفى هذه الفترة قرأ الكثير من كتب الأدب العربي والفرنسي والإنجليزي حتى كان يصل الليل بالنهار.

<<  <   >  >>