الشيخ خالد بن عثمان السبت
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذه لمحة موجزة جداً عن المسيرة العلمية لفضيلة شيخنا / الشيخ: خالد السبت - حفظه الله - كتبتها تلبية لطلب كثير من الأخوة في الملتقى وغيره، ممن لا يعرف فضيلته وأحب أن يتعرف عليه، وقد اجتهدت ما استطعت في كبح جماح القلم عن كثير مما أعرف؛ احتراماً لما أعلمه عن شيخنا من عدم رضاه بالمدح، والإطراء، بل وغضبه من ذلك، سائلاً الله أن يبارك في هذه الكلمات وأن يمد في عمر شيخنا على طاعته ورضاه.. آمين. فأقول:
هو شيخنا الشيخ/ خالد بن عثمان بن علي السبت، من مواليد منطقة الزلفي، عام ١٣٨٤ هـ-، ثم انتقل مع والديه إلى منطقة الدمام، ودرس بها الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وبعد تخرجه من الثانوية العامة توجه للرياض وهو في شوق شديد لتحصيل العلم، خاصة على سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فالتحق بقسم السنة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وممن درسه من المشايخ المشهورين؛ فضيلة الشيخ/ عبد الكريم الخضير حقظه الله، ولكن لم يطل مكث الشيخ بالرياض نظراً لبعض الظروف، فانتقل إلى الأحساء، وكان جل وقته يقضيه في القراءة والتحصيل الشخصي، واعتنى بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله عناية بالغة، بالإضافة إلى عنايته بسماع الأشرطة العلمية المتيسرة في ذلك الوقت، ثم عاد بعد تخرجه إلى الدمام؛ فدرَّس سنتين في ثانوية الشاطئ، واستمر على طريقته في تكوين نفسه علمياً - نظراً لفقر المنطقة في ذلك الوقت من العلماء البارزين - وكانت عنايته في هذه الفترة منصبة على شروح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، كما أنه درَّسَ عدداً من المتون العلمية كعمدة الأحكام، وغيرها من متون العقيدة لمجموعة من الطلبة في ذلك الوقت، حتى أذن الله بانتقاله إلى المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام، فكانت هذه النقلة مرحلة جديدة ومكثفة في تحصيل شيخنا ودراسته على المشايخ، فاعتنى بدراسة علم أصول الفقه فقرأ على الشيخ/ أحمد عبد الوهاب عددا من المتون في أصول الفقه كمتن الورقات، ومتن المراقي، ثم قرأ شرح البنود على المراقي كاملاً، ثم نثر الورود كاملاً، والمواضع الناقصة منه استكملها من شرح الولاتي، وقرأ عليه الموافقات للشاطبي حتى أنهاه،،وقرأ أيضا على الشيخ/ عمر عبد العزيز في الأصول، وفي مناهج الأصوليين وطريقتهم في التأليف، كما اعتنى الشيخ بعلم اللغة والنحو فقرأ على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف الآجرومية، وشذور الذهب، وقطر الندى، وشرح ابن عقيل، وشرح عبد العزيز فاخر على الألفية، كما قرأ الألفية كاملة مفرقة على أكثر من شيخ، ومنهم الشيخ غالي الشنقيطي، والشيخ / محمد الأغاثة الشنقيطي، كما قرأ في الأدب كتاب روضة العقلاء، وكتاب عيون الأخبار لابن قتيبة كاملاً على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف أيضاً، وقرأ على الشيخ/ أحمد الخراط عددا من الكتب، بالإضافة إلى قراءات في كتاب الكامل للمبرد، وكان الشيخ يعجبه في هذا المجلس جمعه لعدد من العلوم كالنحو، والقواعد الإملائية والإعرابية، والأدب وغيرها، وقرأ على الشيخ / حمدو الشنقيطي؛ ومما قرأ عليه شرح قصيدة بانت سعاد، كماقرأ - شيخنا - في الفقه أشياء على الشيخ/ علي بن سعيد الغامدي، والشيخ/ فيحان المطيري، وقرأ في المصطلح على الشيخ / محمد مطر الزهراني في نزهة النظر، ومن المشايخ الذين يجلهم الشيخ كثيراًَ ويكثر من ذكر أخبارهم، ويذكر أن مجالسه وأحاديثه كانت عامرة بالفوائد والفرائد في العلم والأدب؛ فضيلة الشيخ/ عبد العزيز قارئ وهو الذي أشرف على رسالتي الشيخ في الماجستير والدكتوراه، وقد قرأ عليه مواضع من الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي، والبرهان في علوم القرآن للزركشي، كما قرأ على الشيخ/ علي عباس الحكمي، بالإضافة على عدد آخر من الشيوخ، وكانت قراءته عليهم لا تنقطع طوال الأسبوع حتى في يوم الجمعة، حتى إن زملاءه في الدراسات العليا كانوا يتعجبون من جمعه بين هذا الكم من الدروس، واعتنائه برسالته العلمية، وسائر أعماله الأخرى، وكان الشيخ يستغل الإجازات ليرحل إلى فضيلة الشيخ/ ابن عثيمين رحمه الله ليقرأ عليه، فقرأ من مختصر التحرير في الأصول، ومواضع من صحيح البخاري، وأشياء من قواعد ابن رجب رحمه الله، إضافة إلى ذلك فقد كان معتنياً عناية شخصية فائقة بعلم التوحيد والعقيدة وأصول الدين،وقد استمر الشيخ على هذه الحال من العناية البالغة بالتحصيل مع نهم الشديد في القراءة والطلب، وقد وهبه الله جلداً عظيماً قل نظيره، حتى عرفه علماء المدينة ومشايخها وطلبة العلم فيها؛ سواء من أهل البلد أو غيرهم من الوافدين من طلاب الجامعة، فلم ألق أحداً من فضلاء المشايخ في المدينة؛ أو غيرها ممن عرف الشيخ وجالسه؛ إلا وهو يثني على الشيخ ويجله ويحفظ له قدره، وقد جمع الشيخ - رفع الله درجته - بالإضافة إلى عنايته البالغة بالعلم تحصيلاً وتدريساً، اهتماماً بالدعوة إلى الله في المدينة وخارجها من مناطق المملكة،وبلدان العالم الإسلامي فقد رحل الشيخ إلى أندونيسيا مراراً وإلى غيرها من البلدان ليقيم الدورات العلمية هناك.
وقد بدأ الشيخ حفظه الله دروسه الرسمية المعلنة في منطقة الدمام عام ١٤١٣ هـ- فدرَّس متن الورقات، ونظمه، وقواعد الأصول ومعاقد الفصول، وأشياء من روضة الناظر في أصول الفقه، وشَرَح الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، والواسطية وغيرها، كما شَرَح كتاب التوحيد على مدى ثلاث سنوات في الإجازات الصيفية فقط. ثم توقفت الدروس فترة لبعض الأسباب؛ حتى يسر الله عودة الشيخ إلى الدمام أستاذاً في كلية المعلمين ثم عميداً لكلية الدراسات القرآنية في عام ١٤١٨هـ-، وبدأ نشاط الشيخ العلمي يظهر في المنطقة بشكل ملحوظ؛ فأقام عدداً من الدروس العامة في مسجده - مسجد القاضي بحي المريكبات - ومن تلك الدروس: شرح مراقي السعود، وشرح صحيح الإمام مسلم، وشرح عمدة الفقه، والتعليق على التفسير الميسر، بالإضافة لدرس التفسير العام الذي ابتدأ فيه الشيخ من أول القرآن، وهو يسير فيه على نفس الإمام الشنقيطي رحمه الله - وللشيخ عناية خاصة بعلم هذا الحبر العلامة رحمه الله -، كما شرح الشيخ مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعلق على فتح المجيد كاملا، وكذلك اقتضاء الصراط المستقيم،وشَرَح القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين، إضافة لعدد من الدورات العلمية التي أقامها؛ كالمهمات في علوم القرآن، وشرح رسالة الشيخ ابن سعدي في القواعد الفقهية، بالإضافة إلى عدد من المحاضرات العامة التي يلقيها في منطقة الدمام وما حولها ومن أبرزها محاضرات في أعمال القلوب أنصح جميع الأخوة بالحرص عليها.
وأما نتاج الشيخ العلمي فمن أبرزه ما يلي:
رسالة كبيرة بعنوان: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) .
و (كتب مناهل العرفان دراسة وتقويم) - وهي رسالة الماجستير -
و (قواعد التفسير) - وهي رسالة الدكتوراه -
وتحقيق كتاب (القواعد الحسان) لابن سعدي رحمه الله.
وتحقيق كتاب (نور البصائر) ، وهو متن صغير في الفقه؛ لمبتدئي الطلبة ألفه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله.
وكتاب (العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير) ، وقد بذل فيه الشيخ جهدا مضنياً جداً؛ أسأل الله أن يدخر له أجره يوم يلقاه، وأن يجمعنا وإياه والإمام الشنقيطي في أعلى الدرجات عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.. آمين
والشيخ حفظه الله ميزه الله بهمة وقادة، ونفس طموحة، مع ورع نادر،وأخذ للنفس بالعزيمة والجد، يحلي ذلك كله دماثة في الخلق، وطيب في المعشر، مع صلة قوية بالله يظهر أثرها في سمته وسيماه، ولكلامه صولة على قلب مستمعه بحيث لا يكاد يشك سامعه في صدقه ونصحه، مع هضم عظيم للنفس، واحتقار للعمل، وكم من مرة سألته عن اختياره، فقال لي: "مثلي لا يكون له اختيار"، هكذا أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، ومثلي أقل من أن يزكي الشيخ،وإنما هو اعتراف ببعض فضله، وشيء من القيام بحقه، والله يتولانا ويتولاه في الدنيا والآخرة.. إنه سميع قريب.
تنبيهات:
كثير من هذه المعلومات عن الشيخ؛ استفدتها من الأخ الشيخ/ محمد النعيمي وهو من أخص تلاميذ الشيخ؛ فجزاه الله خيراً على ما أمدني به من معلومات.
كما اقتصرت في هذه الترجمة الموجزة على الخطوط العريضة في المسيرة العلمية لشيخنا حفظه الله، وكبحت جماح القلم عن كثير مما أعرف مراعاة لما أعلمه من عدم رغبة الشيخ في ذكر ذلك.. سائلاً الله تعالى أن يمن على شيخنا بالزيادة في العلم والعمل والقبول وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وإيانا وسائر العلماء وطلبة العلم الربانيين إنه خير مسؤول وهو مولانا ونعم النصير. والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=١٢٧٣
بواسطة العضو عبد الله الخميس