عاد القسام إلى جبلة عام ١٩٠٦ بعد أن قضى عشر سنوات في الدراسة في الأزهر، بعدها حصل على شهادة الأهلية، ومن ثم قام برحلة إلى تركيا للإطلاع على طرق التدريس في جوامعها، وبعد عودته عكف على التدريس في زاوية والده، في جامع السلطان بن أدهم قطب الزاهدين. كما أخذ القسام دور والده في تدريس أطفال البلدة قواعد القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم، وبعض العلوم الحديثة، وتولى خطبة الجمعة في مسجد المنصوري الذي يتوسط البلدة، وغدا بخطبه ودروسه وسلوكه موضع احترام الناس، وامتدت شهرته وسمعته الحسنة إلى المناطق المجاورة فقدم الإسلام بفهمه الواسع الطلق، وربطته بكثير من المواطنين صداقات متينة، فكثر أتباعه، وعظم شأنه، وذاع صيته.
لماّ دخلت القوات الإيطالية طرابلس الغرب (ليبيا) عام ١٩١١، قاد القسام مظاهرة طافت شوارع جبلة تأييداً للمسلمين هناك، ودعا الناس إلى التطوع لقتال الطليان، وجَمع التبرعات للأسر المنكوبة، إلا أن السلطات التركية منعته ورفاقه المتطوعين من السفر إلى ليبيا، فعادوا بعد أربعين يوماً من الانتظار، وبنوا مدرسة بمال المتبرعين لتعليم الأمّيين.