وعاد "ابن باديس" إلى "الجزائر" ليبدأ بها برنامجه الإصلاحي، بينما ظلَّ "البشير" في المدينة حتى غادرها إلى دمشق سنة (١٣٣٥هـ = ١٩١٦م) حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس "المجمع العلمي" الذي كان من غاياته تعريب الإدارات الحكومية، وهناك التقى بالعديد من علماء دمشق وأدبائها.
تأسيس جمعية العلماء
وفي عام (١٣٣٨هـ = ١٩٢٠م) غادر "البشير الإبراهيمي" دمشق عائدا إلى "الجزائر"، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة "سطيف"، وبدأ في إلقاء الدروس الدينية والمحاضرات العلمية لطلاب العلم من أبناء بلده، وعندما رأى إقبال طلاب العلم على دروسه وخطبه شجعه ذلك على إنشاء مدرسة لتدريب الشباب على الخطابة وفنون اللغة والأدب، ولم تنقطع صلته بصديقه "ابن باديس" طوال تلك الفترة، فكانا يتبادلان الزيارات من حين لآخر.
وفي عام (١٣٤٢ هـ = ١٩٢٤ م) زاره "ابن باديس" وعرض عليه فكرة إقامة "جمعية العلماء"، فلاقت الفكرة قبولا في نفس "البشير"، فأخذا يدرسانها ويضعان لها الأطر والأهداف التي تقوم عليها تلك الجمعية، وقد استغرق ذلك زمنا طويلا حتى خرجت إلى حيز الوجود، وعقد المؤتمر التأسيسي لها في (١٧ من ذي الحجة ١٣٤٩ هـ = ٥ من مايو ١٩٣١ م) ، وذلك في أعقاب احتفال "فرنسا" بالعيد المئوي لاحتلال "الجزائر"، وبعد تأسيس الجمعية اختِير "ابن باديس" رئيسا لها واختير "الإبراهيمي" نائبا لرئيسها، وانتدب من قِبل الجمعية لأصعب مهمة، وهي نشر الإصلاح في غرب "الجزائر" وفي مدينة "وهران" وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وبنى أكثر من مائتي مسجد، وامتد نشاطه إلى "تلمسان"، وهي واحة الثقافة العربية في غرب "الجزائر".