يَجْرَحْهُ لَا يُؤْكَلُ مُطْلَقًا. وَشُرِطَ فِي الْجُرْحِ الْإِدْمَاءُ، وَقِيلَ لَا. مُلْتَقًى، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ (أَوْ رَمَى صَيْدًا فَوَقَعَ فِي مَاءِ) لِاحْتِمَالِ قَتْلِهِ بِالْمَاءِ فَتَحْرُمُ، وَلَوْ الطَّيْرُ مَائِيًّا فَوَقَعَ فِيهِ، فَإِنْ انْغَمَسَ جُرْحُهُ فِيهِ حَرُمَ وَإِلَّا حَلَّ مُلْتَقًى (أَوْ وَقَعَ عَلَى سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ فَتَرَدَّى مِنْهُ إلَى الْأَرْضِ حَرُمَ) فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ مِثْلِ هَذَا مُمْكِنٌ (فَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ابْتِدَاءً) إذْ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَيَحِلُّ
(أَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ) أَيْ أَغْرَاهُ بِصِيَاحِهِ (مَجُوسِيٌّ فَانْزَجَرَ) إذْ الزَّجْرُ دُونَ الْإِرْسَالِ وَالْفِعْلُ يُرْفَعُ بِمَا هُوَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلُهُ كَنَسْخِ الْحَدِيثِ (أَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ) إذْ الزَّجْرُ إرْسَالٌ حُكْمًا (أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مَا أُرْسِلَ إلَيْهِ)
ــ
[رد المحتار]
وَالثِّقَلِ بِوَاسِطَةِ انْدِفَاعِهِ الْعَنِيفِ إذَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فَلَا يَحِلُّ. وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ ثَقِيلَةً أَوْ خَفِيفَةً (قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْجُرْحِ الْإِدْمَاءُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدْمٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ لَا يَحِلُّ لِانْعِدَامِ مَعْنَى الذَّكَاةِ؛ وَهُوَ إخْرَاجُ الدَّمِ النَّجِسِ؛ وَشَرَطَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ " «أَنْهِرْ الدَّمَ بِمَا شِئْت» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا.
وَقِيلَ يَحِلُّ لِإِتْيَانِ مَا فِي وُسْعِهِ وَهُوَ الْجُرْحُ لِأَنَّ الدَّمَ قَدْ يَنْجُسُ لِغِلَظِهِ أَوْ لِضِيقِ الْمَنْفَذِ. وَقِيلَ لَوْ الْجِرَاحَةُ كَبِيرَةً حَلَّ بِدُونِهِ وَلَوْ صَغِيرَةً فَلَا. وَإِذَا أَصَابَ السَّهْمُ ظِلْفَ الصَّيْدِ أَوْ قَرْنَهُ؛ فَإِنْ أَدْمَاهُ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ اهـ مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْمُنْتَقَى قُلْت: وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ اللَّحْمِ وَظَاهِرُ مَا مَرَّ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْإِدْمَاءَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالْمُلْتَقَطِ اعْتِمَادُ اشْتِرَاطِهِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ يُؤَيِّدهُ، وَقَدْ يُرَجَّحُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ بِمَا فِي مَتْنِ الْمَوَاهِبِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الذَّبَائِحِ مِنْ أَنَّهُ تَحِلُّ ذَبِيحَةٌ عُلِمَتْ حَيَاتُهَا وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا دَمٌ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ) هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَمَى صَيْدًا إلَخْ) هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ يَحْرُمُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ مَوْتَهُ مُضَافٌ إلَى غَيْرِ الرَّمْيِ، وَإِنْ كَانَتْ حَيَاتُهُ دُونَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ اهـ زَيْلَعِيٌّ وَنَحْوُهُ فِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ فَوَقَعَ فِيهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ، فَمِثْلُهُ إذَا رَمَاهُ فِيهِ حَرُمَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِالْمَاءِ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَمِلْ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ مُلْتَقًى) وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ إنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ فَمَاتَ لَا يُؤْكَلُ لَعَلَّ أَنَّ وُقُوعَهُ فِي الْمَاءِ قَتَلَهُ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ طَيْرُ الْمَاءِ لِأَنَّ طَيْرَ الْمَاءِ إنَّمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ غَيْرَ مَجْرُوحٍ اهـ وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ قَالَ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة (قَوْلُهُ فَتَرَدَّى مِنْهُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَرَدَّ يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ. وَهَذَا أَيْضًا إذَا تَرَدَّى وَلَمْ يَقَعْ الْجُرْحُ مُهْلِكًا فِي الْحَالِ، إذْ لَوْ بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ بِقَدْرِ مَا فِي الْمَذْبُوحِ ثُمَّ تَرَدَّى يَحِلُّ أَيْضًا مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ابْتِدَاءً) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَرْضِ مَا يَقْتُلُهُ كَحَدِّ الرُّمْحِ وَالْقَصَبَةِ الْمَنْصُوبَةِ عِنَايَةٌ، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة (قَوْلُهُ إذْ الِاحْتِرَازُ) عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَعْلُولِ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي أُكِلَ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ. قَالَ تَعَالَى - {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: ٢٥]- وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ) أَيْ فِي ذَهَابِهِ، فَلَوْ وَقَفَ ثُمَّ زَجَرَهُ فَانْزَجَرَ لَمْ يُؤْكَلْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ كَنَسْخِ الْحَدِيثِ) فَلَا يُنْسَخُ الصَّحِيحُ إلَّا بِصَحِيحٍ أَوْ أَصَحَّ لَا بِضَعِيفٍ ط (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مَا أُرْسِلَ إلَيْهِ) سَوَاءً أَخَذَ مَا أُرْسِلَ إلَيْهِ أَيْضًا أَوْ لَا بِشَرْطِ فَوْرِ الْإِرْسَالِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: فَلَوْ أَرْسَلَ الْكَلْبَ أَوْ الْبَازِيَ عَلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَخَذَ صَيْدًا ثُمَّ آخَرَ عَلَى فَوْرِهِ ذَلِكَ ثُمَّ وَثُمَّ أَكَلَ الْكُلَّ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الصَّيْدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصَارَ كَوُقُوعِ السَّهْمِ بِصَيْدَيْنِ اهـ مُلَخَّصًا، وَلَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَخْطَأَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ حَلَّ، وَلَوْ عَرَضَ لَهُ بَعْدَمَا رَجَعَ لَا يَحِلُّ لِبُطْلَانِ الْإِرْسَالِ بِالرُّجُوعِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute