للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَضَمِنَ يَعْقُوبُ الصَّغِيرُ وَدِيعَةً ... وَتَحْلِيفُهُ يُفْتَى بِهِ حَيْثُ يُنْكِرُ

وَلَوْ رَهَنَ الْمَحْجُورُ أَوْ بَاعَ أَوْ شَرَى ... وَجَوَّزَهُ الْمَوْلَى فَمَا يَتَغَيَّرُ

لِتَوَقُّفِ تَصَرُّفِ الْمَحْجُورِ عَلَى الْإِجَازَةِ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ بَلْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَجَازَهَا الْعَبْدُ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَأَعْتَقَهُ فَأَجَازَهَا لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُ قَالَ وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ.

قُلْت: وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا هُوَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً ضَارٍ فَلَا يَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّ الصَّغِيرِ كَالْقَرْضِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْغَصْبِ (هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ كَالْحُرِّ عَلَى وَجْهِ التَّغَلُّبِ. وَشَرْعًا (إزَالَةُ يَدٍ مُحِقَّةٍ)

ــ

[رد المحتار]

مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا مَرَّ مَتْنًا وَشَرْحًا

(قَوْلُهُ يَعْقُوبُ) هُوَ اسْمُ يُوسُفَ الْعَلَمُ (قَوْلُهُ الصَّغِيرُ) أَيْ الْمَحْجُورُ وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَوْدَعَ صَبِيًّا أَلْفًا فَاسْتَهْلَكَهَا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنُ فِي مَالِهِ وَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ الْوَدِيعَةَ فَعَطِبَتْ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ اسْتَوْدَعَهَا عَبْدًا مَحْجُورًا فَاسْتَهْلَكَهَا ضَمِنَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُبَاعُ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ عَبْدًا فَقَتَلَهُ الصَّبِيُّ أَوْ الْعَبْدُ فَهُوَ كَقَتْلِهِمَا مَا لَيْسَ بِوَدِيعَةٍ عِنْدَهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ رَوْحَ الْعَبْدِ، وَلَا التَّسْلِيطَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَتَاعِ وَالدَّابَّةِ وَلَوْ أَقْرَضَ صَبِيًّا وَعَبْدًا مَحْجُورَيْنِ لَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ وَلَا الْمَآلِ بِلَا خِلَافٍ، وَقِيلَ الْقَرْضُ عَلَى الْخِلَافِ شُرُنْبُلَالِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَحْلِيفُهُ إلَخْ) أَيْ الْمَأْذُونِ أَيْ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَأْذُونِ شَيْئًا فَأَنْكَرَهُ اخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيفِهِ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ يَحْلِفُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خَانِيَّةٌ فَلَوْ قَالَ: وَحَلَفَ مَأْذُونًا إذَا هُوَ يُنْكِرُ لَكَانَ أَشْبَهَ شُرُنْبُلَالِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَهْن الْمَحْجُورُ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ مِثْلَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَمَا يَتَغَيَّرُ) أَيْ بَلْ يَبْقَى مَا صَنَعَهُ عَلَى حَالِهِ لِصِحَّتِهِ بِإِجَازَةِ مَوْلَاهُ (قَوْلُهُ قَالَ) يَعْنِي ابْنَ وَهْبَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) الْبَحْثُ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ عَلَى أَنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى الْقَرْضِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي النَّظْمِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فَهُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ ح أَقُولُ هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي التَّعْلِيلِ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

ِ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ كَمَا قَالَ الأتقاني: أَنَّ الْمَأْذُونَ يَتَصَرَّفُ فِي الشَّيْءِ بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ وَالْغَاصِبُ بِلَا إذْنِ شَرْعِيٍّ، وَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ مَشْرُوعًا قَدَّمَهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْغَصْبَ نَوْعَانِ مَا فِيهِ إثْمٌ وَمَا لَا إثْمَ فِيهِ وَأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ) وَقَدْ يُسَمَّى الْمَغْصُوبُ غَصْبًا تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ إزَالَةُ يَدٍ مُحِقَّةٍ) أَيْ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ لِيُخْرِجَ الْجُلُوسَ عَلَى الْبِسَاطِ، فَإِنَّ الْإِزَالَةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ لَكِنْ لَا بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ ح وَفِي كَوْنِ الْإِزَالَةِ مَوْجُودَةً هُنَا نَظَرٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فَتَدَبَّرْ. وَلَا يَضْمَنُ مَا صَارَ مَعَ الْمَغْصُوبِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ كَمَا إذَا غَصَبَ دَابَّةً فَتَبِعَتْهَا أُخْرَى أَوْ وَلَدُهَا لَا يَضْمَنُ التَّابِعَ لِعَدَمِ الصُّنْعِ، وَكَذَا لَوْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَوَاشِيهِ حَتَّى ضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِعَدَمِ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ زَيْلَعِيٌّ فَإِنْ قِيلَ وُجِدَ الضَّمَانُ فِي مَوَاضِعَ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُزِلْ يَدَ الْمَالِكِ بَلْ أَزَالَ يَدَ الْغَاصِبِ وَالْمُلْتَقِطِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِشْهَادِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُزِلْ يَدًا وَتُضْمَنُ الْأَمْوَالُ بِالْإِتْلَافِ تَسَبُّبًا كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ إزَالَةُ يَدِ أَحَدٍ وَلَا إثْبَاتُهَا؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ بَلْ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْعِنَايَةِ. وَقَالَ الدِّيرِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ. وَقَدْ يَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ مَا لَيْسَ بِغَصْبٍ إنْ سَاوَاهُ فِي حُكْمِهِ كَجُحُودِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْأَخْذُ وَلَا النَّقْلُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>