للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَالِفُ لَا يُخْرِجُ نَفْسَهُ عَنْ الْيَمِينِ فَيَحْنَثُ

بَابُ الْكِنَايَاتِ (كِنَايَتُهُ) عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (مَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (وَاحْتَمَلَهُ) وَغَيْرَهُ (فَ) الْكِنَايَاتُ (لَا تَطْلُقُ بِهَا)

ــ

[رد المحتار]

طَالِقٌ فَقَالَ وَاحِدٌ " هَلَّا " ثُمَّ صَفَعَ الْقَائِلُ صَاحِبَهُ لَا يَقَعُ، لِأَنَّ هَلَّا لَيْسَ بِيَمِينٍ اهـ وَهَلَّا كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَالْحَالِفُ لَا يُخْرِجُ نَفْسَهُ عَنْ الْيَمِينِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ دُخُولَ الْحَالِفِ هُنَا عُمُومُ كَلَامِهِ لِقَرِينَةٍ إنْ قُلْنَا إنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ. وَفِي التَّحْرِيرِ أَنَّ دُخُولَهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْكِنَايَاتِ]

ِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ الصَّرِيحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ لِمَا أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِفْهَامِ وَالصَّرِيحُ أُدْخِلَ فِيهِ شَرَعَ فِي الْكِنَايَاتِ، وَهُوَ مَصْدَرُ كَنَّا يُكِنُّ إذَا سَتَرَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ كِنَايَتُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ) أَيْ كِنَايَةُ الطَّلَاقِ الْمُرَادَةُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَإِلَّا فَمَعْنَاهَا عِنْدَهُمْ مُطْلَقًا كَالْأُصُولِيِّينَ: مَا اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَخَرَجَ بِالْأَخِيرِ مَا اسْتَرَدَّ الْمُرَادَ فِي الصَّرِيحِ بِوَاسِطَةٍ نَحْوُ غَرَابَةِ اللَّفْظِ أَوْ انْكَشَفَ الْمُرَادُ فِي الْكِنَايَةِ بِوَاسِطَةِ التَّفْسِيرِ، وَالصَّرِيحُ وَالْكِنَايَةُ مِنْ أَقْسَامِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَالْحَقِيقَةُ الَّتِي لَمْ تُهْجَرْ صَرِيحٌ وَالْمَهْجُورَةُ الَّتِي غَلَبَ مَعْنَاهَا الْمَجَازُ كِنَايَةٌ، وَالْمَجَازُ الْغَالِبُ الِاسْتِعْمَالِ صَرِيحٌ وَغَيْرُ غَالِبٍ كِنَايَةٌ. اهـ. ح (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ إلَخْ) أَيْ بَلْ وُضِعَ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ حُكْمِهِ لِأَنَّ مَا سِوَى الثَّلَاثِ الرَّجْعِيَّةِ الْآتِيَةِ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ أَصْلًا، بَلْ هُوَ حُكْمُهُ فِي الْبَيْنُونَةِ مِنْ النِّكَاحِ؛ وَعَلَيْهِ فَفِي قَوْلِهِ وَاحْتَمَلَهُ تَسَاهُلٌ، وَالْمُرَادُ احْتَمَلَهُ مُتَعَلِّقًا لِمَعْنَاهُ، وَأَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى عَدَمِ حَصْرِهَا، لِذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ثُمَّ أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ كَثِيرَةٌ تَرْتَقِي إلَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ لَفْظًا عَلَى مَا فِي النَّظْمِ وَالنُّتَفِ وَزِيدَ غَيْرُهَا فَتَنَبَّهْ. اهـ. وَمِنْهَا عَدَّيْتُ عَنْهَا فَيَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ بِالنِّيَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ. قُلْت: وَمِنْهَا أَنْتِ خَالِصَةٌ الْمُسْتَعْمَلُ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى خَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ تَأَمَّلْ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ لِآخَرَ إنْ كُنْت تَضْرِبُنِي لِأَجْلِ فُلَانَةَ الَّتِي تَزَوَّجْتُهَا فَإِنِّي تَرَكْتُهَا فَخُذْهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ.

[تَنْبِيهٌ] أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ مِنْهَا عَلَى يَمِينٍ لَا أَفْعَلُ كَذَا نَاوِيًا الطَّلَاقَ، فَتَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لِقَوْلِهِمْ الْكِنَايَةُ مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ مُحَمَّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْرِيفِ الْكِنَايَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِلَفْظٍ يَصِحُّ خِطَابُهَا بِهِ وَيَصْلُحُ لِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ الَّذِي أَضْمَرَهُ أَوْ لِلْأَخْيَارِ بِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ كَأَنْتِ حَرَامٌ، إذْ يَحْتَمِلُ لِأَنِّي طَلَّقْتُكِ أَوْ حَرَامُ الصُّحْبَةِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَلْفَاظِ، وَلَيْسَ لَفْظُ الْيَمِينِ كَذَا إذَا لَا يَصِحُّ بِأَنْ يُخَاطِبَهَا بِأَنْتِ يَمِينٌ فَضْلًا عَنْ إرَادَةِ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ بِهِ أَوْ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْتِ يَمِينٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُكِ لَا يَصِحُّ فَلَيْسَ كُلُّ مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ مِنْ كِنَايَتِهِ بَلْ بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ ثَالِثٍ هُوَ كَوْنُ اللَّفْظِ مُسَبَّبًا عَنْ الطَّلَاقِ وَنَاشِئًا عَنْهُ كَالْحُرْمَةِ فِي أَنْتِ حَرَامٌ وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَدَمَ الْوُقُوعِ، بِلَا أُحِبُّكِ لَا أَشْتَهِيكِ لَا رَغْبَةَ لِي فِيكِ وَإِنْ نَوَى. وَوَجْهُهُ أَنَّ مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنْ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْغَالِبَ النَّدَمُ بَعْدَهُ فَتَنْشَأُ الْمَحَبَّةُ وَالِاشْتِهَاءُ وَالرَّغْبَةُ، بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقَعْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لِأَنِّي طَلَّقْتُكِ، فَفِي لَفْظِ الْيَمِينِ بِالْأَوْلَى، لِأَنَّهُمْ قَسَّمُوا الْكِنَايَةَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ كَمَا يَأْتِي مَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِسُؤَالِ الطَّلَاقِ لَا غَيْرُ كَاعْتَدِّي، وَمَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَرَدًّا لِسُؤَالِهَا كَاخْرُجِي؛ وَمَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَسَبًّا كَخَلِيَّةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>