مَسَائِلُ شَتَّى (أَحْرَقَ حَصَائِدَ) أَيْ بَقَايَا أُصُولِ قَصَبٍ مَحْصُودٍ (فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُسْتَعَارَةٍ) وَمِثْلُهُ أَرْضُ بَيْتِ الْمَالِ الْمُعَدَّةِ لِحَطِّ الْقَوَافِلِ وَالْأَحْمَالِ وَمَرْعَى الدَّوَابِّ وَطَرْحِ الْحَصَائِدِ قُلْتُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ فِي الْأَرْضِ يَضْمَنُ مَا أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَانِهِ بِنَفْسِ الْوَضْعِ لَا مَا نَقَلَتْهُ الرِّيحُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَهُ شَيْخُنَا (فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ لَا مُبَاشَرَةٌ (إنْ لَمْ تَضْطَرِبْ الرِّيَاحُ) فَلَوْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ فَيَكُونُ مُبَاشِرًا
(وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ كَانَ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (لَا يَضْمَنُ
ــ
[رد المحتار]
[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]
مَسَائِلُ شَتَّى.
(قَوْلُهُ أَيْ بَقَايَا إلَخْ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ: قَالَ فِي الْمِنَحِ: حَصَائِدُ جَمْعُ حَصِيدٍ وَحَصِيدَةٍ، وَهُمَا الزَّرْعُ الْمَحْصُودُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هَهُنَا مَا يَبْقَى مِنْ أُصُولِ الْقَصَبِ الْمَحْصُودِ فِي الْأَرْضِ اهـ أَيْ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِإِحْرَاقِهِ. (قَوْلُهُ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُسْتَعَارَةٍ) قَالَ مُنْلَا مِسْكِينٌ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيهِمَا دُونَ أَرْضِ مِلْكِهِ لَمَّا لَمْ يَضْمَنْ هُنَا فَعَدَمُ الضَّمَانِ بِالْإِحْرَاقِ فِي أَرْضِهِ بِالْأَوْلَى اهـ. وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَعَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَان تَعَدَّتْ إلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، فَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضٍ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ ضَمِنَ مَا أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَان أُوقِدَتْ فِيهِ لَا مَا أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَان آخَرَ تَعَدَّتْ إلَيْهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالنَّارِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَسَالَ الْمَاءَ إلَى مِلْكِهِ فَسَالَ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَأَتْلَفَ شَيْئًا ثَمَّةَ ضَمِنَ، بِخِلَافِ النَّارِ إذْ طَبْعُ النَّارِ الْخُمُودُ، وَالتَّعَدِّي يَكُونُ بِفِعْلِ الرِّيحِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يُضَفْ إلَى فِعْلِ الْمُوقِدِ فَلَمْ يَضْمَنْ وَمِنْ طَبْعِ الْمَاءِ السَّيَلَانُ فَالْإِتْلَافُ يُضَافُ إلَى فِعْلِهِ اهـ فَتَدَبَّرْ رَمْلِيٌّ.
أَقُولُ: لَكِنَّ هَذَا حَيْثُ زَالَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِمُزِيلٍ، فَلَوْ زَالَتْ لَا بِمُزِيلٍ يَضْمَنُ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ) قَالَهُ شَيْخُهُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ) لَيْسَ حَاصِلًا لِمَا نَحْنُ فِيهِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُهُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِنَفْسِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَحْرَقَتْهُ. (قَوْلُهُ لَا مَا نَقَلَتْهُ الرِّيحُ) أَيْ الَّتِي هَبَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي ح (قَوْلُهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، فَقَدْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: إنَّهُ أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ إذَا وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ أَوْ مَرَّ بِنَارٍ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ فِيهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ) وَشَرْطُ الضَّمَانِ فِيهِ التَّعَدِّي وَلَمْ يُوجَدْ، فَصَارَ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَمَى سَهْمًا فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا حَيْثُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدِّي زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَضْطَرِبْ الرِّيَاحُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ سَاكِنَةً وَقْتَ الْوَضْعِ ح، وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ بِمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا يُوقَدُ مِثْلُهَا وَنُقِلَ عَنْ غَيْرِهَا لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا.
ثُمَّ نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ: أَحْرَقَ شَوْكًا أَوْ تِبْنًا فِي أَرْضِهِ فَذَهَبَتْ الرِّيحُ بِشَرَارَاتٍ إلَى أَرْضِ جَارِهِ وَأَحْرَقَتْ زَرْعَهُ، إنْ كَانَ بِبُعْدٍ مِنْ أَرْضِ الْجَارِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ الشَّرَرُ عَادَةً لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ هَدَرٌ، وَلَوْ بِقُرْبٍ مِنْ أَرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ يَصِلُ إلَيْهِ الشَّرَرُ غَالِبًا ضَمِنَ إذْ لَهُ الْإِيقَادُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ: هَذَا كَمَا إذَا سَقَى أَرْضَ نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ. (قَوْلُهُ ضَمِنَ) أَيْ اسْتِحْسَانًا طُورِيٌّ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ إلَخْ) يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الرِّيحُ تَتَحَرَّكَ خَفِيفًا بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى الضَّرَرُ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute