[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]
(اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّقَابُضِ فِي عَدَدِ الْمَبِيعِ) أَوَاحِدً أَوْ مُتَعَدِّدٍ لِيَتَوَزَّعَ الثَّمَنُ عَلَى تَقْدِيرِ الرَّدِّ (أَوْ فِي) عَدَدِ (الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ مُطْلَقًا قَدْرًا أَوْ صِفَةً أَوْ تَعَيُّنًا،
ــ
[رد المحتار]
بَعْدَ نَقْلِهِ: وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الطَّرِيقِ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ لَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ يَتْلَفُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ وَقِيلَ يَتَمَكَّنُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا حَمَلَ عَلَيْهِ عَلَفَهُ.
قُلْت: الْفَرْقُ وَاضِحٌ، فَإِنَّ عَلَفَهُ مِمَّا يُقَوِّمُهُ، إذْ لَوْلَاهُ لَا يَبْقَى، وَلَا كَذَلِكَ الْعَدْلُ فَكَانَ مِنْ ضَرُورَةِ الرَّدِّ. اهـ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ ضَعِيفٌ. اهـ ط.
قُلْت: وَذَكَرَ الْفَرْقَ أَيْضًا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ اشْتَرَى دَابَّةً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَغَزَا عَلَيْهَا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فِي دَارِ الْحَرْبِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَرْكَبَهَا؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ رِضًا مِنْهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّهَا فَلْيُحْتَرَزْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ دَابَّةً غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ الَّذِي لَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْبَائِعِ، وَالرُّكُوبُ لِحَاجَتِهِ دَلِيلُ الرِّضَا. اهـ مُلَخَّصًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرُّكُوبَ دَلِيلُ الرِّضَا وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ أَلْزَمَهُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ؛ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعُذْرَ فِي رُكُوبِهَا لِلسَّقْيِ وَالْعَلَفِ وَإِنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْبَائِعِ إذْ فِيهِ حَيَاتُهَا بِخِلَافِ الْعُذْرِ فِي مَسْأَلَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]
ِ (قَوْلُهُ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّقَابُضِ إلَخْ) أَيْ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً مَثَلًا فَقَبَضَهَا وَأَقْبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ جَاءَ لِيَرُدَّهَا بِعَيْبٍ وَاعْتَرَفَ بِهِ الْبَائِعُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ وَأُخْرَى مَعَهَا فَلَكَ عَلَيَّ رَدُّ حِصَّةِ هَذِهِ فَقَطْ مِنْ الثَّمَنِ لَا كُلِّهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتَنِيهَا وَحْدَهَا فَارْدُدْ كُلَّ الثَّمَنِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ يُنْكِرُ زِيَادَةً يَدَّعِيهَا الْبَائِعُ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ فِي الْمَرْدُودِ بِالرَّدِّ وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِلثَّمَنِ عَنْهُ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي بَعْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ ظُهُورِ سَبَبِ السُّقُوطِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ لِيَتَوَزَّعَ الثَّمَنُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِدَعْوِي الْبَائِعِ وَبَيَانٌ لِفَائِدَتِهَا عَلَى تَقْدِيرِ الرَّدِّ: أَيْ رَدِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى دَعْوَاهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ بَعْضِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ) أَيْ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى مِقْدَارِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ الْجَارِيَتَانِ وَقَبَضَ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا ثُمَّ جَاءَ الْمُشْتَرِي لِيَرُدَّ إحْدَاهُمَا فَقَالَ الْبَائِعُ قَبَضْتَهُمَا وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ حِصَّةَ هَذِهِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَقْبِضْ سِوَاهَا (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ) وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْهُ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَالْبَيِّنَةُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، مِنْ بَابِ الصَّرْفِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) فَسَّرَهُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَدْرًا) أَيْ قَدْرَ الْمَبِيعِ أَوْ الْمَقْبُوضِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ مَا فِي النَّهْرِ عَنْ صُلْحِ الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَزْنًا: وَجَدْتُهُ نَاقِصًا إلَّا إذَا سَبَقَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِقَبْضِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ أَوْ صِفَةً) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبَحْرَ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ. وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِ الْمَبِيعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ أَشْتَرِطْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ والتتارخانية وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ: اخْتَلَفَا فِي وَصْفِ الْمَبِيعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي ذَكَرْت لِي أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ شَامِيَّةٌ فَقَالَ الْبَائِعُ مَا قُلْت إلَّا أَنَّهَا بَلَدِيَّةٌ. أَجَابَ: الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ الْفَسْخِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ. اهـ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: اشْتَرَى عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ حَالَّةٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ إلَى سَنَةٍ صَفْقَةً أَوْ صَفْقَتَيْنِ فَرَدَّ أَحَدَهُمَا بِعَيْبٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَائِعُ رَدَدْت مُؤَجَّلَ الثَّمَنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُعَجَّلٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا وَلَا تَحَالُفَ. اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute